لأن الميم في هم علامة لجمع الذكور العقلاء، ولو لم يغلب لقال: ثمّ عرضها، أو عرضهن.
ومنها: الحذف في قوله: {إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ}؛ لأن جوابه محذوف، تقديره: إن كنتم صادقين فأنبئوني، يدل عليه أنبئوني السابق.
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: {لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا}.
ومنها: إبراز الفعل في قوله: {إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ} ثمّ قال: {وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ} للاهتمام بالخبر، والتنبيه على إحاطة علمه تعالى بجميع الأشياء، ويسمى هذا بالإطناب.
ومنها: الطباق بين السموات وبين الأرض في قوله: {غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} وبين {ما تُبْدُونَ} وبين {ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} في قوله: {وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} هذا وإنّ الطباق من الألفاظ التي خالفت مضمونها، ولذلك سماه بعضهم بالتضادّ والتكافؤ، وهو الجمع بين معنيين متضادين، ولا مناسبة بين معنى المطابقة لغة، وبين معناها اصطلاحا، فإنها في اللغة الموافقة يقال: طابقت بين الشيئين، إذا جعلت أحدهما على حذو الآخر، وابن الأثير يعجب من هذه التسمية؛ لأنه لا يعرف من أين اشتقت هذه التسمية، إذ لا مناسبة بين الاسم ومسماه، وابن قدامة يسميه التكافؤ، ولا فرق بين أن يكون التقابل حقيقيا، أو اعتباريا، أو تقابل السلب والإيجاب، ومن طباق السلب، قول السموءل اليهوديّ:
وننكر إن شئنا على الناس قولهم ... ولا ينكرون القول حين نقول
فقد طابق بين ننكر وهو إيجاب، وبين ولا ينكرون وهو سلب، وقد يصح الطباق مقابلة حين يؤتى بمعنيين، أو أكثر، ثم يؤتى بما يقابل ذلك على الترتيب، كقول البحتري:
فإذا حاربوا أذلّوا عزيزا ... وإذا سالموا أعزّوا ذليلا
ومنها: التعبير بصيغة الجمع في قوله: {وَإِذْ قُلْنا} للتعظيم؛ لأنه صيغة مكالمة الأكابر، وهي معطوفة على قوله:{وَإِذْ قالَ رَبُّكَ} وفيه التفات من الغائب إلى المتكلم؛ لتربية المهابة؛ وإظهار الجلالة.