ومنها: إفادة الفاء في قوله: {فَسَجَدُوا} التعقيب؛ لأنها دلت على أنهم سارعوا في الامتثال، ولم يثبّطوا فيه، وفيه أيضا: الإيجاز بالحذف؛ لأن التقدير فسجدوا له، وكذلك قوله:{أَبى} مفعوله محذوف تقديره؛ أي: أبى السجود.
ومنها: التعبير في النهي عن الأكل بالنهي عن القربان في قوله: {وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ} لقصد المبالغة في النهي عن الأكل، إذ النهي عن القرب نهي عن الفعل بطريق أبلغ، كقوله تعالى:{وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى} فنهى عن القرب من الزنا؛ ليقطع الوسيلة إلى ارتكابه.
ومنها: الإبهام في قوله: {مِمَّا كانا فِيهِ} فإنه أبلغ في الدلالة على فخامة الخيرات، مما لو قيل من النعيم أو الجنة؛ لأنّ من أعظم أساليب البلاغة في الدلالة على عظم الشيء وفخامته، أن يعبّر عنه بلفظ مبهم، كما هنا، لتذهب نفس السامع في تصوّر عظمته إلى أقصى ما يمكنها أن تذهب إليه.
ومنها: التعبير بقوله: {إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}؛ أي: كثير التوبة واسع الرحمة؛ لأن فعالا وفعيلا من صيغ المبالغة.
ومنها: التكرار في قوله: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعًا} تأكيدا لما قبله، وتوطئة لما بعده.
ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع، والله سبحانه وتعالى أعلم.
فائدة: قال بعض العارفين: سابق العناية لا يؤثر فيه حدوث الجناية، ولا يحطّ عن رتبة الولاية، فمخالفة آدم التي أوجبت له الإخراج من دار الكرامة، لم تخرجه عن حظيرة القدس، ولم تسلبه رتبة الخلافة، بل أجزل الله له في العطية، فقال:{ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ}.
وقال الشاعر:
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد ... جاءت محاسنه بألف شفيع