٤ - الانتظار والترقب، لمن حارب الله ورسوله، أن يجيء محاربًا فيجد مكانًا مرصدًا له، وقومًا راصدين مستعدين للحرب معه، وهم أولئك المنافقون الذين بنوا هذا المسجد مرصدًا له.
{وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى}؛ أي: وليحلفن ما أردنا ببنائه إلا الخصلة التي تفوق غيرها في الحسن، وهي: الرفق بالمسلمين، وتيسير صلاة الجماعة على أولي العجز والضعف، ومن يحبسهم المطر منهم، ليصدقهم الرسول الله، - صلى الله عليه وسلم - وليصلي معهم فيه، والله يعلم إنهم لكاذبون في أيمانهم؛ لأنهم ما بنوه إلا للسوء وضرار مسجد قباء.
وقرأ جمور القراء (١): {وَالَّذِينَ} بالواو عطفًا على {وَآخَرُونَ}؛ أي: ومنهم: الذين اتخذوا، الخ كما مر. وقرأ أهل المدينة، نافع، وأبو جعفر، وشيبة، وغيرهم، وابن عامر:{الذين} بغير واو، كذا في مصاحف المدينة، والشام، فاحتمل أن يكون بدلًا من قوله:{وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ} وأن يكون خبر مبتدأ تقديره هم الذين.
روي أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لما انصرف من تبوك راجعًا، نزل بذي أوان، وهو موضع قريب من المدينة، فأتاه المنافقون، وسألوه أن يأتي مسجدهم، فدعا بقميصه ليلبسه ويأتيهم، فأنزل الله هذه الآية، وأخبره خبر مسجد الضرار وما هموا به، فدعا رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، مالك بن الدخشم، ومعن بن عدي، وعامر بن السكن، ووحشيًّا، فقال لهم: انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه وأحرقوه فخرجوا مسرعين حتى أتوا بني سالم بن عوف وهم رهط مالك بن الدخشم فقال: أنظروني حتى أخرج إليكم بنار. فدخل أهله، فأخذ من سعف النخل، فأشعله، ثم خرجوا يشتدون حتى دخلوا المسجد وفيه أهله، فأحرقوه