الجهل، وترك العمل بما علموا رجاء أن يخافوا الله ويحذروا عاقبة عصيانه، وأن يكون جميع المؤمنين علماء بدينهم قادرين على نشر دعوته، والحجاج عنه وبيان أسراره للناس، لا أن يوجهوا أنظارهم إلى الرياسات والمناصب العالية، والترفع عن سواد الناس وكسب المال والتشبه بالظلمة والجبارين في ملابسهم ومراكبهم، ومنافسة بعضهم بعضًا.
وفي الآية، إشارة إلى وجوب التفقه في الدين، والاستعداد لتعليمه في مواطن الإقامة، وتفقيه الناس فيه بالمقدار الذي تصلح به حالهم، فلا يجهلون الأحكام الدينية العامة التي يجب على كل مؤمن أن يتعرفها، والناصبون أنفسهم لهذا التفقه على هذا القصد، لهم عند الله تعالى من سامي المراتب ما لا يقل في الدرجة عن المجاهد بالمال، والنفس في سبيل إعلاء كلمة الله، والذود عن الدين والملة، بل هم أفضل منهم في غير الحال التي يكون الدفاع فيها واجبًا عينيًّا على كل شخص.
فصل في ذكر الأحاديث الدالة على فضل التفقه في الدين
وعن معاوية بن أبي سفيان، قال: سمعت رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يقول:"من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم، ويعطي الله، ولم يزل أمر هذه الأمة مستقيمًا حتى تقوم الساعة، وحتى يأتي أمر الله" متفق عليه.
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تجدون الناس خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإِسلام إذا فقهوا" متفق عليه. وعن ابن عباس، أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال:"فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد" أخرجه الترمذي.
وعن أبي أمامة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم" أخرجه الترمذي. وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له به طريقًا إلى الجنة" أخرجه الترمذي.
وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع" أخرجه الترمذي.