{قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ} في "المصباح" الولى: مثل فلس القرب، وفي الفعل لغتان: أكثرهما، وليه يليه، بالكسر فيهما، والثانية من باب وعد، وهي قليلة الاستعمال، وجلست مما يليه؛ أي: يقاربه، انتهى. وكأنَّ (١) الآي جاءت على اللغة الثانية، وأصله يليون بوزن يعدون، فنقلت ضمة الياء إلى اللام بعد سلب حركتها، ثم حذفت الياء لالتقائها ساكنة مع الواو.
{وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} والغلظة: تجمع الجرأة والصبر على القتال وشدة العداوة.
{رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} والرجس: القذر والعذاب وزيادته عبارة عن تعمقهم في الكفر وخبطهم في الضلال، وإذا كفروا بسورة فقد زاد كفرهم واستحكم، وتزايد عقابهم {مِنْ أَنْفُسِكُمْ} بضم الفاء؛ أي: من جنسكم. وقرىء بفتح الفاء؛ أي: من أفضلكم {عَزِيزٌ}؛ أي: شاق. {عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} والعنت: المشقة ولقاء المكروه الشديد. {حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} والحرص: شدة الرغبة في الحصول على مفقود، وشدة عناية بموجود، والرأفة: الشفقة والرحمة والإِحسان فالرؤوف أخص من الرحيم، وإنما قدم عليه رعاية للفواصل.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من البلاغة، والفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: جناس الاشتقاق في قوله: {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا} وفي قوله: {وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا}.
ومنها: الطباق في قوله: {صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً}.
ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: {وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا}؛ لأن القطع حقيقة في فصل الأجزاء المتصلة، كالحبل.
ومنها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: {غِلْظَةً}؛ لأن الغلظة حقيقة في الأجرام، فاستعيرت هنا للشدة والصبر والتجلد كما في "السمين"، وفيه