للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اهـ. وقال أبو حيان: الوادي (١): ما انخفض من الأصل مستطيلًا، كمجاري السيول ونحوها، وجمعته العرب على أودية، وليس بقياسه، قال تعالى:

{فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} وقياسه أوادي على زنة فواعل، لكنهم استثقلوه لجمع الواوين. وقال النحاس: ولا أعرف فاعلًا وأفعله سواه، وذكر غيره: ناد، وأندية. قال الشاعر:

وَفيْهِمْ مَقَامَاتٌ حِسَانٌ وُجُوْهُهُمْ ... وَأنْدِيَةٌ يَتَشَابَهَا الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ

والنادي: المجلس، وحكى الفراء في جمعه: أوداء، كصاحب وأصحاب.

قال جرير:

عَرَفْتُ بِبُرْقَةِ الأوْدَاءِ رَسْمَا ... مُجِيْلًا طَالَ عَهْدُكَ مِنْ رُسُوْمِ

{فَلَوْلَا نَفَرَ} نفر: بمعنى خرج للقتال. {ولولا} (٢): كلمة تفيد التحضيض، والحث على ما يدخل عليها إذا كان مستقبلًا، واللوم على تركه إذا كان ماضيًا فإن كان مما يمكن تلاقيه .. فربما أفاد الأمر به كما هنا؛ لأن المعنى على الطلب، كأنه قيل: لتخرج طائفة وتبقى أخرى.

{مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} والفرقة: الجماعة الكثيرة، والطائفة: الجماعة القليلة {لِيَتَفَقَّهُوا} يقال: تفقه إذا تكلف الفقاهه والفهم، وتجشم مشاق تحصيلها. {وَلِيُنْذِرُوا} يقال: أنذره إذا خوفه. {لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} يقال: حذره، من باب فهم إذا تحرز منه.

وقد (٣) جعل الله سبحانه وتعالى الغرض من هذا، هو التفقه في الدين، وإنذار من لم يتفقه، فجمع بين المقصدين الصالحين، والمطلبين الصحيحين، وهما تعلم العلم وتعليمه، فمن كان غرضه بطلب العلم غير هذين فهو .. طالب لغرض دنيوي، لا لغرض ديني فهو كما قلت:

وَطَالِبُ الدُّنْيَا بِعِلِـ ... ـمِ الدِّيْنِ أيُّ بَائِسِ!

كَمَنْ غَدَا لِنَعْلِهِ ... يَمْسَحُ بِالْقَلاَنِسِ


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.
(٣) الشوكاني.