إلى الحق، فإذا قالوا: لا، فقل لهم: الله يهدي للحق دون غيره. وقوله:{أفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ...} الخ، سؤال ثامن، لم يذكر جوابه لوضوحه، والاستفهام للتقرير والتوبيخ، كما أشرنا إليه أولًا، والفاء لترتيب الاستفهام على ما سبق، من تحقيق هدايته تعالى صريحًا، وعدم هداية شركائهم المفهوم من القصر، والهمزة متأخرة في الاعتبار وإنما تقديمها في الذكر لإظهار عراقتها في الاستفهام، واقتضاء الصدارة كما هو رأي الجمهور، اهـ "أبو السعود".
فالهمزة في قوله:{أفمن يهدي} داخلة على محذوف، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف، تقديره: أعميتم عن إبصار الحق، أم عاندتم، فمن يهدي ويرشد من يشاء إلى الحق والصلاح .. {أحق} وأولى من غيره بـ {أَن} يطاع و {يُتَّبَعَ} فيما شرعه ويعبد دون غيره {أَمَّنْ لَا يَهِدِّي} غيره ولا يهتدي بنفسه، فضلًا عن هداية غيره إلا أن يهدى؛ أي لا يهتدي في حال من الأحوال إلا في حال هدايته تعالى له، إذ لا هادي غيره، وهذا حال أشراف شركائهم من الملائكة والمسيح، وعزير عليهم السلام، أو من لا ينتقل من مكان إلى مكان، إلا أن ينقل إليه؛ لأن الأصنام خالية عن الحياة والقدرة؛ أي: أهذا الأخير أحق، أن يتبع، أم الأول فالجواب الأول أحق أن يتبع، وترك ذكر الجواب لوضوحه كما مر.
والاستفهامان في قوله:{فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} للتعجيب من حالهم وسوء صنيعهم وقبيح فعلهم، وللتقريع والتوبيخ {فَمَا لَكُمْ} أي: فأي شيء ثبت لكم في اتخاذكم هؤلاء شركاء لله تعالى، فإنهم عاجزون عن هداية أنفسهم، فكيف يمكن أن يهدوا غيرهم، أو أي شيء أصابكم، وماذا حل بكم حتى اتخذتم هؤلاء شركاء وجعلتموهم وسطاء بينكم وبين ربكم، الذي لا خالق ولا رازق ولا هادي لكم سواه {كَيْفَ تَحْكُمُونَ} بالباطل وتجعلون لله شركاء، أو كيف تحكمون بجواز عبادتهم وشفاعتهم عنده تعالى بدون إذنه.
وهاتان (١) جملتان، أنكر في الأولى، وتعجب من اتباعهم من لا يهدي ولا