{إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} من الاتباع للظنون الفاسدة، والإعراض عن البراهين القاطعة؛ أي: إن الله سبحانه وتعالى عليم بما كانوا يعملون بمقتضى اعتقاداتهم الظنية والقطعية، فهو يحاسبهم ويجازيهم على كل عمل منها، كتكذيبهم للرسول، - صلى الله عليه وسلم -، مع قيام الأدلة القطعية على صدقه، واتباعهم للظن، كالتقليد باتباع الآباء والأجداد.
وفي الآية إيماءٌ، إلى أن أصول الإيمان تبنى على اليقين دون الظن، فالعلم المفيد للحق ما كان قطعيًّا من كتاب أو سنة، وهو الدين الذي لا يجوز للمسلمين التفرق، والاختلاف فيه، وما دونه مما لا يفيد إلا الظن، فلا يؤخذ به في الاعتقاد، وهو متروك للاجتهاد في الأعمال، اجتهاد الأفراد في الأعمال الشخصية، واجتهاد أولي الأمر في القضاء، مع سلوك طريق الشورى، حتى يتحقق العدل والمساواة في المصالح العامة. وفي هذه الجملة تهديد لهم، على ما وقع منهم، من الأفعال الشنيعة والأحوال القبيحة. وقرأ عبد الله {تفعلون} بالتاء على الخطاب التفاتًا.
{إِنَّمَا}: أداة حصر، ولكنها مجردة هنا عن معنى الحصر؛ لأنه تعالى ضرب للحياة الدنيا أمثالًا غير هذا، كما مر في مبحث التفسير {مَثَلُ الْحَيَاةِ}: مبتدأ، ومضاف إليه {الدُّنْيَا}: صفة للحياة {كَمَاءٍ}: جار ومجرور خبر المبتدأ، والجملة مستأنفة {أَنْزَلْنَاهُ}: فعل وفاعل ومفعول {مِنَ السَّمَاءِ}: متعلق به، والجملة الفعلية في محل الجر، صفة لـ {أمَاءٍ}{فَاخْتَلَطَ}: الفاء: عاطفة {اختلط} فعل ماض. {بِهِ} متعلق به {نَبَاتُ الْأَرْضِ}: فاعل، ومضاف إليه، والجملة في محل الجر معطوفة على جملة {أَنْزَلْنَاهُ} ولكنها صفة سببية هِنَا: جار ومجرور حال من نبات الأرض {يَأْكُلُ النَّاسُ}: فعل وفاعل {وَالْأَنْعَامُ}: معطوف على {النَّاسُ} والجملة صلة لـ {ما} أو صفة لها، والعائد أو الرابط