للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{قِطَعًا} جمع قطعة، كسدرة وسدر وكسرة وكسر، والقطعة الجزء من الشيء {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ} الحشر: الجمع من كل جانب إلى موقف واحد، كما مر. {مَكَانَكُمْ} ومكانكم: كلمة يراد بها التهديد والوعيد؛ أي: الزموا مكانكم. {فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ}؛ أي: فرقنا وقطعنا ما كان بينهم من التواصل في الدنيا، يقال: زيلته فتزيل؛ أي: فرقته فتفرق، والمزايلة المفارقة، يقال: زايله زيالًا،، إذا فارقه، والتزايل التباين. واختلف في زيل، هل وزنه فعل، أو فيعل، والظاهر الأول، والتضعيف فيه للتكثير لا للتعدية؛ لأن ثلاثيه متعد بنفسه. حكى الفراء: زلت الضأن من المعز، ويقال: زلت الشيء عن مكانه، أزيله، وهو على هذا من ذوات الياء، والثاني أنه فيعل، كبيطر وهو من زال يزول، والأصل زيولنا فاجتمعت الياء والواو، وسبقت إحداهما بالسكون فأعلت الإعلال المشهور، وهو قلب الواو ياء وإدغام الياء فيها، كميت وسيد، في ميوت وسيود، وعلى هذا، فهو من مادة الواو، وإلى هذا ذهب ابن قتيبة وتبعه أبو البقاء، اهـ "سمين".

{هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ} وفي "المختار" البلية والبلاء والبلوى واحد، والجمع البلايا، اهـ. ومعنى الكل: الاختبار وفي "السمين": وفي هنالك وجهان: الظاهر منهما بقاؤه على أصله، من دلالته على ظرف المكان، أي: في ذلك الموقف الدحض والمكان الدهش. وقيل: هو هنا ظرف زمان على سبيل الاستعارة، ومثله {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ}؛ أي: في ذلك الوقت.

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من البلاغة والفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: التشبيه (١) المركب في قوله: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} حيث شبهت حال الدنيا في سرعة زوالها، وانقراض نعيمها بعد الإقبال، بحال نبات الأرض في جفافه وذهابه حطامًا، بعد ما التف وتكاثف وزين الأرض بخضرته ورفيفه، قاله الزمخشري.


(١) البحر المحيط.