تعالى. وقرأ السلمي:{تدعون} بالتاء على الخطاب. قال ابن عطية: وهي قراءة غير متجهة. وقال الزمخشري: وقرأ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - {تدعون} بالتاء. ووجهه أن يحمل {وَمَا يَتَّبِعُ} على الاستفهام؛ أي: وأي شيء يتبع الذين تدعونهم شركاء من الملائكة والنبيين، يعني إنهم يتبعون الله تعالى ويطيعونه، فما لكم لا تفعلون مثل فعلهم، كقوله تعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} انتهى. ومن قرأ:{تدعون} بالتاء كان قوله: {إن يتبعون} التفاتًا إذ هو خروج من خطاب إلى غيبة، ذكره أبو حيان.
ثم أكد ما سلف وزاده بيانًا، فقال:{إِنْ يَتَّبِعُونَ}؛ أي: ما يتبعون في الحقيقة فيما يقولون {إلَّا الظَّنَّ} والحدس في دعواهم أنهم أولياء لله وشفعاء عنده، فهم يقيسونه على ملوكهم الظالمين، المتكبرين، الذين لا يصل إليهم أحد من رعاياهم إلا بوسائل حجابه ووزرائه ووسائطه.
ثم زاد ذلك توكيدًا بقوله:{وَإِنْ هُمْ}؛ أي: وما هم في اتباع هذا الظن الذي لا يغني من الحق شيئًا {إِلَّا يَخْرُصُونَ} ويكذبون؛ أي: إلا متخرصون قائلون بغير علم بما يقولون؛ أي: ما يتبعون يقينًا إنما يتبعون ظنًّا والظن لا يغني من الحق شيئًا {إن هم إلا يخرصون}؛ أي: يقدرون أنهم شركاء تقديرًا باطلًا وكذبًا بحتًا.
والخلاصة (١): أنهم إنما اتبعوا ظنونهم الفاسدة، وأوهامهم الباطلة، فقاسوا الرب في تدبير أمور عباده على الملوك، وجهلوا أن أفعاله تعالى إنما تجري بمقتضى مشيئته تعالى الأزلية، وفق علمه الذاتي وحكمته البالغة، العادلة، وأن جميع أوليائه وأنبيائه وملائكته عبيد مملوكون له {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (٥٧)}؛ أي: إن أقرب أولئك الذين يدعونهم ويتوسلون إليهم بهم، كالمسيح والملائكة ومن دونهم يتوسلون إليه راجين خائفين، لا كأعوان الملوك