للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السابقين على محمَّد مع أقوامهم، الذين يبلغونهم الدعوة ويقيمون عليهم الحجة، وينذرونهم سوء عاقبة التكذيب، فيؤمن بعض، ويصرّ آخرون على الكفر، أن نهلك المكذبين وننجي رسلنا والذين آمنوا بهم.

وقوله: {كَذَلِكَ} صفة (١) لمصدر محذوف؛ أي: إنجاء مثل ذلك الإنجاء، فهو مفعول مطلق، والعامل فيه قوله: {ننج المؤمنين}. وقوله: {حَقًّا عَلَيْنَا} اعتراض؛ أي: وحق ذلك علينا حقًّا، أي: وجب وتحتم بمقتضى الفضل والكرم؛ أي: إنجاء مثل ذلك الإنجاء ننجي المؤمنين معك أيها الرسول، ونهلك المصرين على تكذيبك وعدنا ذلك وعدًا حقًّا علينا لا نخلفه، كما قال تعالى: {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (٧٧)}. وقرأ (٢) يعقوب: {ثم ننجي} مخففًا وقرأ الباقون {ثم ننجي} بالتشديد وبثبوت الياء خطًّا ولفظًا. وقرأ حفص والكسائي ويعقوب: {ننجي} بالتخفيف والباقون بالتشديد، وتحذف منه الياء خطًّا إتباعًا لرسم المصحف. قاله "السمين" وفي اللفظ، إن وصل بما بعده، فحذفها ظاهر لأجل التقاء الساكنين، وإن وقف عليه وجب حذفها في النطق أيضًا، تبعًا لرسم المصحف اهـ "شيخنا". والتشديد والتخفيف في {ننجي} كلاهما لغتان فصيحتان أنجى ينجي إنجاءً، ونجى ينجي تنجيةً، بمعنى واحد. ومعنى الآية: أهلكنا (٣) المكذبين ثم نجينا رسلنا المرسلة إليهم والذين آمنوا بهم؛ لأن العذاب لا ينزل إلا على الكفار كذلك؛ أي: مثل ذلك الإنجاء الذي نجينا الرسل، ومن آمن بهم، ننج المؤمنين بك يا محمَّد، من كل شدة وعذاب، وجب ذلك علينا وجوبًا بحسب الوعد والحكم، لا بحسب الاستحقاق؛ لأن العبد لا يستحق على خالقه شيئًا.

الإعراب

{وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا


(١) الفتوحات.
(٢) الشوكاني والفتوحات.
(٣) المراح.