{وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (٩) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (١٠)} الإذاقة هنا: الإعطاء القليل، والنزع، والسلب، والحرمان، واليؤوس: شديدُ اليأس من عود تلك النعمة، والكفور، كثيرُ الكفران، والجحود لما سلف عليه من النعم، والنعماء، والنعمةُ والنعمى الخير، والمنفعة، ويقابلها الضراء، والضر {فرح} بطر مغتر بهذه النعمة، {فَخُورٌ} أي: متعاظم على الناس بما أوتي من النعم، مشغولُ بذلك عن القيام بشكرها.
وفي "الشوكاني": والنعماء: إنعام يظهر أثَرَهُ على صاحبه، والضراءُ ظهورُ أثر الإضرار على من أصيب به، اهـ.
{فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} لعل هنا: للاستفهام الإنكاري الذي يفيد النهي مع الاستبعاد،؛ أي: لا تترك تبليغَ بعض ما أوحي إليك، ولا يَضِقْ به صدرُك، والتركُ، والضيقُ مستبعدان منك، وضيقُ الصدر يراد به الغم والحزن وعبر (١) بـ {ضائق} دون ضيِّق للمناسبة في اللفظ مع {تَارِكٌ} وإن كان ضيقٌ أكثرَ استعمالًا, لأنه وصف لازم، {وَضَائِقٌ} وصف عارض، وقال الزمخشري: فإن قلت: لِمَ عدَل عن ضيق إلى {ضائق}؟
قلتُ: ليدل على أنه ضيقٌ عارض غيرُ ثابت, لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان أفسَحَ الناس صدرًا ومثله قولك: سيدٌ، وجوادُ تريد السيادةَ والجُود الثابتَين المستقرين، فإذا أردتَ الحدوثَ، قلت: سائدُ وجائدُ. انتهى ذكره أبو حيان. {كَنْزٌ} والكنزُ ما يدخر من المال في الأرض، وفي "زاده"{كَنْزٌ} أي: مال كثير من شأنه أن يكنز؛ أي: يدفن، اهـ. {بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ} نعت لـ {سُوَرٍ} و {مثل} وإن كانت بلفظ الإفراد فإنها يوصف بها المثنَّى، والجمع، والمؤنث كقوله تعالى:{أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا} وتجوز المطابقة قال تعالى: {وَحُورٌ عِينٌ (٢٢) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ}، وقال تعالى:{ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}، و (الهاء) في {مِثْلِهِ} تعود لـ {مَا يُوحَى} و {مُفْتَرَيَاتٍ} صفة لـ {سُوَرٍ} أيضًا، وهي جمع مفتراة كمصطفيات في