فعل ماض بمعنى حق، وثبت مبني على الفتح، {أَنَّهُمْ} ناصب واسمه {فِي الْآخِرَةِ} متعلق بـ {الْأَخْسَرُونَ}، {هُمُ} ضمير فصل {الْأَخْسَرُونَ} خبر (أنّ)، وجملة (أنّ) المصدرية في تأويل مصدر مرفوع على الفاعلية لـ {جَرَمَ}، والجملة مستأنفة، والمعنى حَقَّ، وثبت كَوْنُهم الأخْسرين.
فصل في لا جرم
وقد مر لك بعض المباحث في جرم في مبحث التفسير، وفي "السمين": وفي هذه اللفظة خلاف بين النحويين، وتلخَّص من ذلك وجوه.
أحدُها: وهو مذهب الخليل، وسيبويه، أنهما مركَّبتان من {لا} النافية و {جَرَمَ} وبُنِيَتا على تركيبهما تركيبَ خمسة عشر، وصار معناهما معنى فعل، وهو حقَّ، فعلى هذا يرتفع ما بعدهما بالفاعلية، فقوله تعالى:{لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ}؛ أي: حقَّ وثَبَت كون النار لهم، أو استقرارُها لهم.
الوجه الثاني: أنَّ {لَا جَرَمَ} بمعنى لا رَجُل في كون {لا} نافية للجنس، وجرمَ اسمها مبني معها على الفتح، وهي واسمها في محلّ رفع بالابتداءِ, وما بعدهما خبر {لا} النافية للجنس، وصار معناها, لا محالةَ في أنهم في الآخرة هم الأخسرون؛ أي: في خسرانهم.
الوجه الثالث: أنَّ {لا} نافية لكلام قد تقدم تكلم به الكفرةُ، فردَّ الله عليهم ذلك بقوله:{لا} كما ترد لا هذه قبلَ القسم في قوله لا أُقسِمُ وقوله: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ} وقد تقدَّم تَحْقِيقُه، ثم أتى بعدها بجملة فعلية، وهي جرم أنَّ لهم كذا وجَرَم فعل ماض معناه كسب وفاعله مستتر يعود على فعلهم المدلول عليه بسياق الكلام، وأنَّ وما في حيزها في موضع المفعول به؛ لأنَّ {جَرَمَ} يتعدى إذا كان بمعنى كسَبَ، وعلى هذا فالوَقْف على قوله:{لا} ثم يبتدىءُ بـ {جَرَمَ} بخلاف ما تقدَّم.
الوجه الرابع: أنَّ معناه لا حَدَّ، ولا منعَ، ويكون {جَرَمَ} بمعنى القَطْعِ