وقال أبو البقاء:{تَزْدَرِي}(١) الدال فيه بدل من تاء الإفعالِ، وأصْلُ تزدري تزتري بوزن تفتعِلُ من زَرَيت، وأبدِلت دالًا لتجانس الزاي في الجهر والتَّاء مهموسةٌ، فلم تجتمع مع الزاي. انتهى.
{فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ} يقال: عُمِّي عن كذا، وعمِّي عليه كذا بمعنى التبسَ عليه، ولم يَفْهَمْهُ، وخفيَ عليه أمرُهُ.
{قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا} أصل الجدال، هو: الصراعُ، وإسقاطُ المرء صَاحِبَه على الجدالة، وهي الأرضُ الصلبة، ثم استُعمل في المخاصمة، والمنازعة بما يشغل عن ظهور الحق، ووضوح الصواب.
{وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي} والنصحُ بضم النون، وفتحها مع سكون الصاد فيهما، مصدر نَصَح من بابَ فَتَحَ، والنصحُ معناه: تحري الخير، والصلاح للمنصوح له، والإخلاص فيه قولًا وعملًا. {أَنْ يُغْوِيَكُمْ} من أغوى الرباعي يُغْوِي إغواءً بمعنى أضله، والإغواء الإيقاع في الغي، وهو الفسادُ الحِسيُّ والمعنويُّ ثلاثيُّهُ غوى الرجل يَغْوِي إذا ضَلَّ وأَخطأ.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الاستفهامُ الإنكاريُّ في قوله: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى}.
ومنها: التحقيرُ في قوله: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ} إشارةٌ إلى تحقيرهم، وإصْغَارِهم بسوء مرتكبهم، وفي قوله {عَلَى رَبِّهِمْ}؛ أي: على مَنْ