للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإِنَّ معناه بَعُدُوا؛ أي: هلكوا، واللام لبيان مَنْ دعي عليهم، وفائدة الدعاء عليهم: بعد هلاكهم: الدلالةُ على استحقاقهم عذابَ الاستئصال بسبب كفرهم، وتكذيبهم، وعقرهم، ناقةَ الله تعالى، والمعنى، أي كأنَّهم (١) لسرعة زوالهم، وعدم بقاء أحد منهم لم يقيموا في ديارهم ألبتةَ، وما سبب هذا إلا أنْ كفروا بآيات ربهم، فجحدوها ألا بُعْدًا، وهلاكًا لهم، {أَلَا إِنَّ ثَمُودا} مَنَع حمزة وحفصُ صَرْفَهُ وصَرفَه الباقون {أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ} صرفه الكسائي، ومَنْعه باقي السبعة، والصرفُ على إرادة معنى الحي، ومَنْعُه على إرادة معنى القبيلة، وعن جابر (٢) رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لَمَا نَزَلَ الحجرَ في غزوة تبوك قَامَ فخَطَبَ النَّاسَ فقال: "يا أيها الناس لا تسألوا نبيكم الآيات، هؤلاء قومُ صالح، سَأَلُوا نَبِيَّهم أن يَبْعَثَ لهم الناقةَ فكانت تَرِدَ من هذا الفجِّ فَتَشْرَبُ ماءَهم يوم وردها، ويَحْلُبون مِنْ لبنها، مِثْلَ الذي كانوا يشربون من مائها يَوْمَ غبّها، فعتوا عن أمر ربهم، فقال: {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ} وكان وعدًا من الله غير مكذوب، ثم جاءَتْهم الصيحة فأهلك الله مَنْ كان في مشارق الأرض ومغاربها منهم، إلَّا رجلًا كان في حرم الله، فَمَنَعه حَرم الله من عذابِ الله، يقال له: أبو رِغَال"، قيل له: يا رسول الله، مَنْ أبو رِغَال قال: "أبُو ثَقِيفٍ".

الإعراب

{وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ (٥٠)}.

{وَإِلَى عَادٍ} جار ومجرور متعلق بمحذوف تقديره: وأرسلنا إلى عاد، والجملة المحذوفة معطوفةً على جملة قوله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} عطفَ قصة على قصة، {أَخَاهُمْ} مفعول به لـ {أَرْسَلْنَا} المحذوف {هُودًا} عطف بيان له، أو بدل منه، {قَالَ} فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على هود، والجملة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا، كأنَّ سائلًا قال: ماذا قال لهم؟ فأجابه بقوله، قال: يا قوم اعبدوا اللَّه. {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ} إلى آخرِ الآية: مقول محكي، وإن شئت قلت:


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.