{أَبْناءَكُمْ} الهمزة فيه مبدلة من واو؛ لتطرفها فيها إثر ألف زائدة {وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ} والاستحياء هنا: الإبقاء حيّا. واستفعل فيه بمعنى أفعل. استحياه وأحياه بمعنى واحد. وقد تقدم الكلام على استحيا من الحياء في قوله:{إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي} وأصل يستحيون يستحييون بوزن يستفعلون، عينه ولامه حرفا علة، استثقلت الضمة على الياء التي هي لام الفعل، فحذفت، فسكنت، فالتقت ساكنة مع واو الجماعة، فحذفت الياء لام الفعل؛ لالتقاء الساكنين، وضمت الياء؛ لمناسبة الواو، فصار وزنه يستفعون {نِساءَكُمْ} والنساء: اسم يقع على الصغار والكبار، وهو جمع تكسير لنسوة، ونسوة على وزن فعلة، وهو جمع قلة خلافا لابن السراج، إذا زعم أنّ فعلة اسم جمع لا جمع تكسير، وعلى القولين لم يلفظ له بواحد من لفظه، والواحدة امرأة {بَلاءٌ} والبلاء الاختبار والامتحان، وهو تارة يكون بما يسر؛ ليشكر العبد ربه، وتارة بما يضر؛ ليصبر، وتارة بهما؛ ليرغب ويرهب. يقال: بلاه يبلوه بلاء، إذا اختبر، ثم صار يطلق على المكروه والشدة. يقال: أصاب فلانا بلاء؛ أي: شدّة، وهو راجع لمعنى البلى، كأنّ المبتلى يؤول حاله إلى البلى وهو الهلاك والفناء، ويقال: أبلاه بالنعمة، وبلاه بالشدة. وقد يدخل أحدهما على الآخر، فيقال: بلاه بالخير، وأبلاه بالشر. قال الشاعر:
جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم ... فأبلاهما خير البلاء الّذي يبلو
فاستعملهما بمعنى واحد، ويبنى منه افتعل، فيقال: ابتلى، وأصل بلاء بلاو، فالهمزة فيه مبدلة من واو، لأنّ الواو إذا وقعت متطرّفة بعد ألف زائدة، قلبت، وكذلك الياء، كما تقدم في سماء، وبناء {ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ} افتعل من الأخذ. يقال: تخذ بكسر الخاء، يتخذ بفتحها في المضارع، كعلم يعلم من الأخذ، فهي بمعنى أخذ، أدغمت إحدى التاءين في الأخرى، كما سيأتي بيانه قريبا إن شاء الله تعالى. وعليه تكون اتخذ أصلها إئتخذ، أبدلت الهمزة الساكنة ياء، حرف مد للهمزة المتحركة بالكسر قبلها، ثم أبدلت الياء تاء وأدغمت في التاء الثانية، ولما كثر استعمال هذا اللفظ من أخذ بصيغة الافتعال، توهموا أصالة التاء، فبنوا منه فعل يفعل. هذا ما ذهب إليه صاحب «القاموس»،