للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومنها: المجاز العقلي في قوله: {عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ} أُسند الإحاطةَ لليوم مع أنَّ اليَوْمَ ليس بِجِسْمٍ باعتبار أنَّ العذَابَ يكون فيه فهو من إسناد ما للحال إلى المحل: كنهاره صائم.

ومنها: الإضافة (١) للتشريف في قوله: {بَقِيَّتُ اللَّهِ} كما في بيتِ الله، و {نَاقَةُ اللَّهِ}، فإنَّ ما بقي بعد إيفاء الكيل، والوزن من الرزق الحلال، يستحق التشريفَ، كما ذكره في "روح البيان".

ومنها: ذِكْرُ الخاصِّ ثم العام، ثم الأعَمَّ مبالغةً في النصح، ولطفًا في استدراجهم إلى طاعة الله تعالى في قوله: {وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ} إلى آخر الآية الثانية: حَيْثُ نُهوا (٢) أولًا عن القبيح الذي كانوا يتعاطونه، وهو نقص المكيال، والميزان, وفي التصريح بالنهي نعي على المنهي، وتعيير له، وأمروا ثانيًا بإيفائهما مصرَّحًا بلفظهما، ترغيبًا في الإيفاء، وبَعْثًا عليه، وجيء بالقسط، ليكون الإيفاء على جهة العدل والتسوية، وهو الواجب؛ لأنَّ ما جاوزَ العَدْلَ فضل، وأمر مندوب إليه، ونهوا ثَالِثًا عن نقص الناس أشياءهم، وهو عام في الناس، وفيما بأيديهم من الأشياء كانَتْ مما تكال وتوزن، أو غير ذلك، ونهوا رابعًا عن الفساد في الأرض، وهو أعم من أن يكون نقصًا، أو غيره فبَدَأَهم أولًا بالمعصية الشنيعة التي كانوا عليها بعد الأمر بعبادة الله تعالى، ثُمَّ ارتقى إلى عام، ثم إلى أعم منه، وذلك مبالغة في النصح لهم، ولُطْفٌ في استدراجهم إلى طاعة الله تعالى.

ومنها: الزيادة والحَذْفُ في عِدّةِ مواضع.

والله سبحانه وتعالى أعلم

* * *


(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.