وتأويل الرؤيا الصادقة، واعتقاده أن الإنسان يجب عليه في كل أمر يحاوله أن يتخذ له من الأسباب ما يصل به إلى غرضه، ويبلغ به إلى غايته، ثم يتوكل بعد ذلك على الله في تسخير ما لم يصل إليه علمه مما لا تتم المقاصد بدونه.
{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} أسرار القدر، ويزعمون أن الحذر يغني عن القدر، أو المعنى: ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن الواجب الجمع بين أخذ العدة والسعي في تحقيق الأسباب الصحيحة الموصلة إلى المراد، وبين الاتكال على الله؛ وهو ما فعله يعقوب عليه السلام، ولا يكفي تحقق الأسباب وحدها للحصول عليه، أو المعنى: ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن يعقوب عليه السلام بهذه الصفة والعلم، أو لا يعلمون ما كان يعلم يعقوب؛ لأنهم لم يسلكوا طريق إصابة العلم. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لا يعلم المشركون ما ألهم الله أولياءه. وقرأ الأعمش شاذًا:{مما علمناه} ذكره أبو حيان.
{وَمَا}(و): حالية. {ما}: نافية. {أُبَرِّئُ نَفْسِي}: فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على زليخا كما هو الراجح، أو على يوسف، والجملة في محل النصب حال من فاعل القول المحذوف تقديره: قلت ذلك الاعتراف ليعلم يوسف أني لم أخنه بالغيب حالة كوني غير مبرئة نفسي من السوء. {إِنَّ}: حرف نصب. {النَّفْسَ}: اسمها. {لَأَمَّارَةٌ}: (اللام): حرف ابتداء. {أمارة}: خبر {إِنَّ}. {بِالسُّوءِ}: متعلق به، وجملة {إِنَّ} مستأنفة مسوقة لتعليل النفي المذكور قبلها. {إِلَّا}: أداة استثناء. {مَا}: اسم موصول بمعنى نفسًا في محل النصب على الاستثناء. {رَحِمَ رَبِّي}: فعل وفاعل، والجملة صلة الموصول، والعائد محذوف تقديره: إلا نفسًا رحمها ربي بالعصمة كيوسف عليه السلام. {إِنَّ رَبِّي}: ناصب واسمه. {غَفُورٌ}: خبر أول لـ {إِنَّ}. {رَحِيمٌ}: خبر ثان لها، وجملة {إِنَّ} مستأنفة.