على الاستفهام؛ لأنهم فهموا من فحوى كلامه عليه السلام، أو من إبصار ثناياه وقت تبسمه عند تكلمه بذلك.
وقال: من قرأ على الخبر إن الأخوة لم يعرفوا يوسف حتى رفع التاج عن رأسه، فرأوا في قرنه علامة تشبه الشامة البيضاء كما كان ليعقوب وإسحاق مثل ذلك، فلما عرفوه بتلك العلامة قالوا ذلك.
{قالَ} يوسف عليه السلام جوابًا لهم {أَنَا يُوسُفُ} الذي ظلمتموني غاية الظلم، وقد نصرني الله تعالى فأكرمني وأوصلني إلى أسمى المراتب، أنا ذلك العاجز الذي أردتم قتله بإلقائه في غيابة الجبّ، ثم صرت إلى ما ترون {وَهَذَا}؛ أي: بنيامين {أَخِي}؛ أي: شقيقي الذي فرقتم بيني وبينه وظلمتموه، ثم أنعم الله عليه بما تبصرون {قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا}؛ أي: أنعم الله تعالى علينا، فجمع بيننا بعد الفرقة، وأعزنا بعد الذلة وآنسنا بعد الوحشة، وخلصنا مما ابتلينا به. وقيل: منَّ علينا بكل عز وخير في الدنيا والآخرة. وقيل: منَّ علينا بالسلامة في ديننا ودنيانا. وفيه إيماء إلى أنه لا وجه لطلبكم بنيامين؛ لأنه أخي لا أخوكم.
قال بعض العلماء (١): إنما أظهر الاسم في قوله: {أَنَا يُوسُفُ} ولم يقل أنا هو تعظيمًا لما نزل به من ظلم إخوته له، وما عوضه الله من النصر والظفر والملك؛ فكأنه قال: أنا يوسف المظلوم الذي ظلمتموني، وقصدتم قتلي بأن ألقيتموني في الجبّ، ثم بعتموني بأبخس الأثمان، ثم صرت إلى ما ترون، فكان تحت ظهور الاسم هذه المعاني كلها. ولهذا قال:{وَهَذَا أَخِي} وهم يعرفونه؛ لأنه قصد به أيضًا وهذا أخي المظلوم كما ظلمتموني، ثم صرت أنا وهو إلى ما ترون، وهو قوله:{قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا} بكل عز وخير في الدنيا والآخرة {إِنَّهُ}؛ أي: إن الشأن والحال {مَنْ يَتَّقِ} الله سبحانه وتعالى بامتثال المأمورات، واجتناب المنهيات {وَيَصْبِر} على المحن والبلايا والإذاية {فَإِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {لَا يُضِيعُ} ولا يبطل {أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} بالتقوى والصبر؛