للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأعتنقهما، فإن أمه ماتت في نفاس أخيه بنيامين، فمعنى بنيامين بالعبراية ابن الوجع؛ لأن يامين معناه الوجع، ولما ماتت أمه راحيل .. تزوج أبوه بخالته ليا والرابة، وهي موطؤة الأب، تدعى أمًا؛ لقيامها مقام الأم، أو لأن الخالة أم كما أن العم أب. وظاهر الآية يدل على أن أمه كانت لا تزال حية، ورجحه ابن جرير، وخالفه أكثر المفسرين كما بينا. وفيه حذف وإيجاز يفهم من سياق الكلام، وتقدير المعنى: فبعد أن ذهب إخوة يوسف إلى أبيهم وأخبروه بمكانة يوسف في مصر، وأنه الحاكم المفوض المستقل في أمرها .. أبلغوه أن يدعوهم كلهم للإقامة معه في مصر والتمتع بحضارتها، فرحلوا حتى بلغوها، ولما دخلوا على يوسف وكان قد استقبلهم في الطريق في جمع حافل احتفاء بهم .. ضم إليه أبويه واعتنقهما.

روي (١): أن يوسف وجه إلى أبيه جهازًا كثيرًا ومئتي راحلة، وسأله أن يأتيه بأهله أجمعين، فتهيأ يعقوب للخروج إلى مصر، فتوجه مع أولاده وأهاليهم إلى مصر على رواحلهم، فلما قربوا من مصر أخبر بذلك يوسف، فاستقبله يوسف والملك الريان - في أربعة آلاف من الجند، أو ثلاث مئة ألف فارس - والعظماء وأهل مصر بأجمعهم، ومع كل واحد من الفرسان جنة من فضة وراية من ذهب، فتزينت الصحراء بهم واصطفُّوا صفوفًا، وكان الكل غلمان يوسف ومراكبه، ولما صعد يعقوب تلًّا ومعه أولاده وحفدته؛ أي: أولاد أولاده ونظر إلى الصحراء مملوءة من الفرسان مزينة بالألوان نظر إليهم متعجبًا، فقال له جبريل: انظر إلى الهواء، فإن الملائكة قد حضرت سرورًا بحالكم كما كانوا محزونين مدة لأجلك، ثم نظر يعقوب إلى الفرسان، فقال: أيهم ولدي يوسف؟ فقال جبريل: هو ذاك الذي فوق رأسه ظلة، فلم يتمالك أن أوقع نفسه من البعير، فجعل يمشي متوكئًا على يهوذا، فقال جبريل: يا يوسف إن أباك يعقوب قد نزل لك، فانزل له، فنزل من فرسه وجعل كل واحد منهما يعدو إلى الآخر، فلما تقاربا قصد يوسف أن يبدأ بالسلام، فقال جبريل: لا حتى يبدأ يعقوب به؛ لأنه أفضل وأحق، فابتدأ به


(١) روح البيان.