عنده في دار الكرامة بما كان لهم من كريم الصفات وفاضل الأخلاق .. بين حال الأشقياء وما ينتظرهم من العذاب والنكال، وأتبع الوعد بالوعيد، والثواب بالعقاب على سنة القرآن الدائبة في مثل هذا {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (٥٠)}.
قوله تعالى:{اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر (١) أن من نقض عهد الله من بعد ميثاقه، ولم يقر بوحدانيته، وأنكر نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ فهو ملعون في الدنيا ومعذب في الآخرة .. بين هنا أنه تعالى يبسط الرزق لبعض عباده ويضيقه على بعض آخر، على ما اقتضته حكمته وسابق علمه بعباده، ولا تعلق لذلك بإيمان ولا كفر، فربما وسَّع على الكافر استدراجًا، وضيَّق على المؤمن زيادةً في أجره، ثم ذكر مقالة لهم كثر في القرآن تردادها، وهي طلبهم منه آية تدل على نبوته لإنكارهم أن يكون القرآن آيةً دالة على ذلك، ثم ذكر حال المؤمنين المتقين ومآلهم عند ربهم في جناتٍ تجري من تحتها الأنهار.
قوله تعالى:{كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر طلبهم من رسوله - صلى الله عليه وسلم - الآيات، كما أنزل على الرسل السالفين كموسى وعيسى وغيرهما من النبيين والمرسلين، وبين أن الهدى هدى الله، فلو أوتوا من الآيات ما أوتوا ولم يرد الله هدايتهم، فلا يجديهم ذلك فتيلًا ولا قطميرًا .. ذكر هنا أن محمدًا ليس ببدع من الرسل، وأن قومه سبقهم أقوام كثيرون، وطلبوا الآيات من أنبيائهم وأجابوهم إلى ما طلبوا, ولم تغنهم الآيات والنذر، فكانت عاقبتهم البوار والنكال، فأنزل على كل قوم من العذاب ما أتى عليهم جميعًا، وأصبحوا معه كأمس الدابر، ولو أن كتابًا تسير به الجبال على أماكنها، أو تشقق به الأرض، فتجعل أنهارًا وعيونًا .. لكان هذا القرآن الذي أنزلناه عليه، ثم أبان أن الله تعالى قادر على الإتيان بما