للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الخوف من نفس المكروه خشية، فلا تقول: خشيت المرض، بل تقول: خفت المرض، ولهذا قال: {وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ}، والإضافة في {سُوءَ الْحِسَابِ} من إضافة الصفة إلى الموصوف؛ أي: الحساب السيء، وهو؛ أي: الحساب السيء: المؤاخذة بكل ما عملوه.

{وَالَّذِينَ صَبَرُوا}، والصبر: حبس النفس على أنواع البلايا والمصائب وعلى مخالفة الهوى بامتثال المأمورات واجتناب المنهيات.

واعلم أن مواد الصبر كثيرة:

منها: الصبر على العمى، وفي الحديث القدسي: "إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه - أي العينين، وسميتا بذلك؛ لأنهما أحب الأشياء إلى الشخص - فصبر على البلاء راضيًا بقضاء الله تعالى عوضته منهما الجنة" والأعمى: أول من يرى الله تعالى يوم القيامة.

ومنها: الصبر على الحمَّى وصداع الرأس وموت الأولاد والأحباب، وغير ذلك من أنواع الابتلاء.

ومنها: الصبر على الصوم، فإن فيه صبرًا على ما تكرهه النفس من حيث أنها مألوفة بالأكل والشرب والصوم ربع الإيمان بمقتضى قوله عليه السلام: "الصوم نصف الصبر، والصبر نصف الإيمان" ذكره في "روح البيان".

{ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ} والابتغاء: كناية عن الإخلاص، وهو إخلاص العمل للخالق عن ملاحظة المخلوق رياءً وسمعةً وعجبًا وزينةً.

{وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ}؛ أي: يدفعونها بها، فيجازون الإساءة بالإحسان، أو يتبعون السيئة بالحسنة، فتمحوها. اهـ."بيضاوي". وقوله: يدفعونها بها كدفع (١) شتم غيرهم بالكلام الحسن، وإعطاء من حرمهم، وعفو من ظلمهم، ووصف من قطعهم. اهـ. "زادة".

{أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ} فيه ذكر الموصوف مع حذف صفته (٢)، والإضافة فيه


(١) زاده.
(٢) الفتوحات بتصرف.