والنكال في الدنيا والآخرة .. أتبعه بذكر ثواب المتقين في جنات تجري من تحتها الأنهار، ثم أردفه ذكر فرح المؤمنين من أهل الكتاب بما أنزل عليه من ربه، وإنكار بعض منهم لذلك، ثم حث الرسول - صلى الله عليه وسلم - على القيام بحق الرسالة وتحذيره من مخالفة أوامره، ثم ختم هذا بذكر الجواب عن شبهات كانوا يوردونها لإبطال نبوته - صلى الله عليه وسلم -، كقولهم: إنه كثير الزوجات ولو كان رسولًا من عند الله لما اشتغل بأمر النساء.
وخلاصة الجواب: أن محمدًا ليس ببدع من الرسل، فكثير منهم كان له أزواج وذرية ولم يقدح ذلك في رسالاتهم، وكقولهم: إنه لو كان رسولًا من عند الله لم يتوقف فيما يطلب منه من المعجزات، فأجيبوا بأن أمر المعجزات مفوض إلى الله، إن شاء أظهرها، وإن شاء لم يظهرها، ولا اعتراض لأحد عليه. وقولهم: إن ما يخوفنا من العذاب وظهور النصرة له ولقومه لم يتحقق بعد، فليس بنبي ولا صادق فيما يقول، فأجيبوا عن ذلك بقوله:{لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ}؛ أي: لكل حادث وقتًا معينًا لا يتقدم عنه ولا يتأخر، فتأخر المواعيد لا يدل على ما تدعون.
قوله تعالى:{وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ ...} الآيات. مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر (١) أنهم اقترحوا عليه الآيات استهزاء به، وطلبوا استعجال السيئة التي توعَّدهم بها، وكان - صلى الله عليه وسلم - يتمنى وقوع بعض ما توعدوا؛ ليكون زاجرًا لغيرهم .. ذكر هنا لرسوله أن وظيفته التبليغ ولا يهمه ما سينالهم من الجزاء، فعلينا حسابهم، وهل هم في شك من حصول ما توعدناهم به، وهم يرون بلادهم تنقص من جوانبها بفتح المسلمين لها، وقتل أهلها وأسرهم وتشريدهم، والله يحكم في خلقه كما يريد، وقد حكم للمسلمين بالعز والإقبال، وعلى أعدائهم بالقهر والإذلال.
ثم بين أن قومه ليسوا ببدع في الأمم، فقد مكر من قبلهم بأنبيائهم، ولم