للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم أكد هذا بقوله: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ}؛ أي: وجعل المشركون الأصنام شركاء لله سبحانه وتعالى، والظاهر أن هذه الجملة مستأنفة جيء بها للدلالة على الخبر المحذوف كما تقدم تقريره يعني (١): إن الكفار سووا بين الله وبين الأصنام، واتخذوها شركاء له في العبادة، وإنما تكون سواء وشركاء فيها لو كانت سواء وشركاء في القيام على كل نفس، فما أعجب كفرهم وإشراكهم وتسويتهم مع علمهم التفاوت بينهما؛ أي: تعجبوا من ذلك. وقيل (٢): الواو للحال، والتقدير: أفمن هو قائم على كل نفس صالحة وطالحة، والحال أنهم جعلوا له شركاء كمن هو ليس كذلك، فأقيم الظاهر وهو لفظ الجلالة مقام المضمر تقريرًا للإلهية وتصريحًا بها. وقيل {وَجَعَلُوا} معطوف على {اسْتُهْزِئَ} بمعني: ولقد استهزؤوا وجعلوا لله شركاء. وقال أبو البقاء: هو معطوف على {كَسَبَتْ}؛ أي: وجعلهم لله شركاء. اهـ. "سمين"؛ أي: وجعلوا لله شركاء عبدوها معه تعالى من أصنام وأوثان وأنداد.

ثم أعقب ذلك بتوبيخ إثر توبيخ، فقال: {قل} لهم يا محمَّد {سَمُّوهُمْ} أي: بينوا (٣) شركاءكم بأسمائهم وصفوهم بصفاتهم، فانظروا هل لهم ما يستحقون به العبادة والشركة، يشير إلى أن الأسماء مأخذها من الصفات، فإن لم تروا منهم شيئًا من صفات الله، فكيف تسمونهم!؟.

وفي هذا: تبكيت لهم وتوبيخ؛ لأنه إنما يقال هذا في الشيء المستحقر الذي لا يستحق أن يلتفت إليه، فيقال: سمه إن شئت يعني: أنه أحقر من أن يسمى. وقيل: إن المعنى سموهم بالآلهة كما تزعمون، فيكون ذلك تهديدًا لهم. وقيل: سموهم من هم وما أسماؤهم، فإنهم ليسوا ممن يذكر ويسمى، فإنما يسمى من ينفع ويضر.

و {أَمْ} في قوله: {أَمْ تُنَبِّئُونَهُ} منقطعة تقدر ببل وهمزة الاستفهام الإنكاري؛


(١) روح البيان.
(٢) الفتوحات.
(٣) روح البيان.