للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} إضراب عن محاجتهم بالكلية، فكأنه يقول: لا يفيد فيهم الاحتجاج؛ أي: دع هذا (١) الحجاج وألق به جانبًا، فإنه لا فائدة فيه؛ لأنه زين له مكرهم وكيدهم لاستسلامهم للشرك وتماديهم في الضلال. والمكر (٢): صرف الغير عما يقصده بحيلة، والمزين هو الله تعالى؛ لأنه هو الفاعل المختار على الإطلاق، لا يقدر أحد أن يتصرف في الوجود إلا بإذنه، فتزيين الشيطان إلقاء الوسوسة فقط، ولا يقدر على إضلال أحد وهدايته إلا الله سبحانه وتعالى، ويدل على هذا سياق الآية، وهو قوله: {وَمَنْ يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}. اهـ. "خازن". {وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ} - بضم الصاد -؛ أي: وصرفوا عن سبيل الحق بما زين لهم من صحة ما هم عليه؛ أي: صدهم الله تعالى أو صدهم الشيطان وبفتحها؛ أي: صدوا غيرهم ومنعوهم عن سبيل الحق، أو عن المسجد الحرام. {وَمَنْ يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}؛ أي: ومن يرد الله سبحانه وتعالى إضلاله وخذلانه لسوء اعتقاده وفساد أعماله واجتراحه للآثام والمعاصي .. فلا هادي له يوفقه إلى النجاة ويوصله إلى طرق السعادة، ونحو الآية قوله: {وَمَنْ يُرِدِ الله فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئًا}. وقوله: {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٣٧)}.

وقرأ الحسن شاذًا (٣): {تنبئونه} من أنبأ. وقرأ مجاهد شذوذًا أيضًا: {بل زَيَّن} على البناء للفاعل {مكرهم} بالنصب. والجمهور: {زُيِّنَ} على البناء للمفعول {مَكْرُهُمْ} بالرفع. وقرأ عاصم وحمزة والكسائي {وصدوا} هنا وفي غافر بضم الصاد مبنيًّا للمفعول فالفعل متعدٍ. وقرأ باقي السبعة بفتحها فاحتمل التعدي واللزوم؛ أي: صدوا أنفسهم أو غيرهم، وقرأ ابن وثاب: {وصِدوا} - بكسر الصاد - وهي كقراءة {رِدت إلينا} - بكسر الراء -، كلاهما شاذ. وفي "اللوامح": نسب الكسائي لابن يعمر {وصِدوا} بالكسر لغة وأما في المؤمن فالبكسر لابن وثاب انتهى. وقرأ ابن أبي إسحاق شاذًا أيضًا: {وصدٌ} بالتنوين


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) البحر المحيط.