للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهو جواب قسم محذوف. والمعنى: أي: ولنصبرن على إيذائكم بالعناد واقتراح الآيات ونحو ذلك مما لا خير فيه، وندعوكم لعبادة الله وحده؛ ليكون ذلك منا شكرًا على نعمة الهداية. ثم ختموا كلامهم بمدح التوكل، وبيان أن إيذائهم لا يثنيهم عن تبليغ رسالة ربهم، فقالوا: {وَعَلَى اللَّهِ}؛ أي: والتوكل على الله والاعتماد عليه، لا على غيره {فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ}؛ أي: فليثبت المتوكلون وليدوموا على التوكل عليه، وليحتملوا كل أذى في جهادهم، ولا يبالوا بما يصيبهم من أذى، ولا بما يلاقون من صعاب وعقبات. قال ابن الجوزي: وإنما نص هذا وأمثاله على نبينا - صلى الله عليه وسلم -، ليقتدي بمن قبله في الصبر، وليعلم ما جرى لهم. اهـ. ومن عنده (١) مال أو علم فلينفع به الناس، وليكن كالنهر يسقي الزرع، والشمس تضيء العباد، وليصبر على أذى الناس كما صبر الأنبياء وأوذوا، فالهداة ما خلقوا إلا ليعملوا، فهم هداة بطباعهم، ولذاتهم في قلوبهم، ومنهم تنتقل إلى الناس.

فإن قلت (٢): كيف كرر الأمر بالتوكل، وهل من فرق بين التوكلين؟

قلت: نعم، التوكل الأول فيه إشارة إلى استحداث التوكل، والتوكل الثاني فيه إشارة إلى السعي في التثبت على ما استحدثوا من توكلهم وإبقائه وإدامته، فحصل الفرق بين التوكلين.

والمعنى (٣): فليثبت المتوكلون على ما أحدثوه من التوكل المسبب عن الإيمان، فالأول لإحداث التوكل، والثاني للثبات عليه، فلا تكرار. وقيل معنى الأول: إن الذين يطلبون المعجزات يجب عليهم أن يتوكلوا في حصولها على الله سبحانه لا علينا، فإن شاء سبحانه أظهرها، وإن شاء لم يظهرها، ومعنى الثاني: إبداء التوكل على الله في دفع شر الكفار وسفاهتهم. اهـ. "شوكاني".

والتوكل تفويض الأمر إلى من يملك الأمور كلها، وقالوا: المتوكل من إن


(١) المراغي.
(٢) الخازن.
(٣) روح البيان.