والمشركين الضلال، فلا يهديهم إلى الجواب بالصواب، كما ضلوا في الدنيا، ثم ذكر سبحانه أنه يفعل ما يشاء من التثبيت والخذلان، لا راد لحكمه ولا يسأل عما يفعل، فقال:{وَيَفْعَلُ اللَّهُ} سبحانه وتعالى في عباده {مَا يَشَاءُ} ويريد من تثبيت وإضلال؛ أي: خلق ثبات في بعضٍ، وخلق ضلالٍ في آخرين من غير اعتراض عليه. وأخرج (١) ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن الكافر إذا حضره الموت تنزل عليه الملائكة عليهم السلام يضربون وجهه ودبره، فإذا دخل قبره أقعد، فقيل له: من ربك؟ لم يرجع إليهم شيئًا، وأنساه الله تعالى ذكر ذلك، وإذا قيل له: من الرسول الذي بعث إليك؟ لم يهتد له، ولم يرجع إليهم شيئًا، فذلك قوله تعالى:{وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ}.
{وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}؛ أي: وبيده تعالى الهداية والإضلال بحسب ما تقتضيه سننه العامة التي سنها في عباده بحسب استعداد النفوس وقبولها لكل منهما، فلا تنكروا قدرته على اهتداء من كان ضالًا وإضلال من كان منكم مهتديًا، فإن بيده تعالى تصريف خلقه وتدبيرهم وتقليب قلوبهم، يفعل فيهم ما يشاء من إرشاد وإضلال، لا يسئل عما يفعل وهم يسألون، فسبحانه من حكيم عليم.
{وَقَالَ اَلَذِينَ}: فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {كَفَرُوا}: فعل وفاعل صلة الموصول. {لِرُسُلِهِمْ}: جار ومجرور متعلق بقالوا. {لَنُخْرِجَنَّكُمْ} إلى قوله: {فَأَوْحَى}: مقول محكي، وإن شئت قلت:{لَنُخْرِجَنَّكُمْ}: (اللام): موطئة للقسم. {نُخْرِجَنَّكُمْ}: فعل مضارع ومفعول به في محل الرفع؛ لتجرده عن الناصب والجازم مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة. {مِنْ أَرْضِنَا}: متعلق به، وفاعله ضمير يعود على الكفار، والجملة الفعلية جواب لقسم محذوف، وجملة