هدى البشر، وصلاحهم في دنياهم وآخرتهم، وبعد أن ذكر له تظاهر نعمه عليه .. نهاه عن الرغبة في الدنيا ومد العينين إليها، يتمنى ما فيها من متاع، ونهاه عن الحسرة على الكفار إن لم يؤمنوا بالقرآن، وبما جاء به، وأمره بالتواضع لفقراء المسلمين بإنذاره قومه المشركين، بتبليغهم ما أمر به الدين وما نهى عنه، بالبيان الكافي والإعذار الشافي، وبيان عاقبة أمرهم بتحذيرهم أن يحل بهم ما حل بالمقتسمين - اليهود والنصارى - الذين جعلوا القرآن أقسامًا، فآمنوا بما وافق التوراة، وكفروا بما عدا ذلك، ويبين لهم أن ربهم سيسألهم عن جريرة أعمالهم.
ثم أمره (١) أن يعلن ما أمر به من الشرائع، ولا يلتفت إلى لوم المشركين وتتريبهم له، ولا يبالي بما سيكون منهم، فالله تعالى كفاه أمر المستهزئين به، وأزال كيدهم، وإذا ساوره ضيق الصدر من سماع سفههم واستهزائهم كما هو دأب البشر .. فليسبح ربه وليحمده، وليكثر المطاعة، فالعبد إذا حزبه أمر نزع إلى طاعة ربه، وقد كفل سبحانه أن يكشف عنه ما أهمه.
أسباب النزول
قوله تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥)} الجمهور على أنها نزلت في خمسة نفر، كانوا يبالغون في إيذاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والاستهزاء به، فأهلكهم الله سبحانه وتعالى، وهم الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والأسود بن عبد المطلب، والأسود بن يغوث، والحرث بن قيس، وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان سبب هلاكهم.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (٨٧)} الآية، سبب نزول هذه الآية: أن سبع قوافل أقبلت من بصرى وأذرعات ليهود قريظة والنضير في يوم واحد، فيها أنواع من البر والطيب والجواهر وسائر الأمتعة، فقال المسلمون لو كانت هذه الأموال لنا لتقوينا بها، ولأنفقناها في سبيل الله، فقال تعالى: لقد أعطيتكم سبع آيات هي خيرٌ لكم من هذه القوافل السبع، ويدل على