وفي "المختار": وفرط القوم سبقهم إلى الماء، فهو فارط، والجمع فراط بوزن كُتَّان، وبابه نصر، وأفرطه إذا تركه، ومنه قوله تعالى:{وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ}؛ أي: متروكون في النار منسيون، وأفرط في الأمر؛ أي: جاوز فيه الحدَّ. اهـ، وفي "القاموس": وأفرط فلانًا تركه وتقدمه، وجاوز الحد، وأعجل بالأمر، {وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ}؛ أي: منسيون متروكون في النار، أو مقدّمون معجلون إليها، وقرىء بكسر الراء؛ أي: مجاوزون لما حد لهم اهـ، {فَهُوَ وَلِيُّهُمُ}؛ أي: ناصرهم ومساعدهم {الْيَوْمَ}؛ وفي "الفتوحات": لفظ اليوم المعرف بأل إنما يستعمل حقيقة في الزمان الحاضر المقارن للتكلم، كالآن وحينئذٍ، فلفظ اليوم في الآية يحتمل أنه إشارةٌ إلى وقت تزيين الشيطان الأعمال للأمم الماضية، فيحتاج لتأويل، بأن يقال: إنه على حكاية الحال الماضية، حيث عبر عن الزمان الماضي بلفظ اليوم الموضوع للزمن الحاضر، ويحتمل أنه إشارةٌ إلى يوم القيامة، فيحتاج إلى التأويل أيضًا، بأن يقال: إنه على حكاية الحال الآتية حيث عبر عن الزمان الذي سيحصل بما هو موضوع للحاضر المقارن، ويحتمل أن يشار إلى مدة الدنيا من حيث هي، وعلى هذا لا حاجة إلى تأويل أصلًا؛ لأنّ مدة الدنيا كالوقت الحاضر، بالنسبة للآخرة، فتلخص أن الاحتمالات ثلاثة، وأنه يحتاج إلى التأويل على الأول والثاني دون الثالث، وفي "أبي السعود": {فَهُوَ وَلِيُّهُمُ}؛ أي: قرينهم اليوم؛ أي: يوم زين لهم الشيطان أعمالهم فيه، على طريقة حكاية الحال الماضية، أو في الدنيا، أو يوم القيامة على طريقة حكاية الحال الآتية، وهي حال كونهم معذّبين في النار اهـ. ومثله في "البيضاوي".
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: التعبير عن الماضي بصيغة المضارع في قوله: {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} لاستحضار صورة توكلهم البديعة، وفيه ترغيب لغيرهم في طاعة الله عز وجل.