أي: وألهم (١) ربك النحل، وألقى في روعها وعلَّمها أعمالًا يتخيل منها أنها ذوات عقول، وقد تتبع علماء المواليد أحوالها، وكتبوا فيها المؤلفات بكل اللغات، وخصصوا لا مجلات تنشر أطوارها وأحوالها، وقد وصلوا من ذلك إلى أمور:
١ - أنها تعيش جماعات كبيرة، قد يصل عدد بعضها نحو خمسين ألف نحلة، وتسكن كل جماعة منها في بيت خاص يسمى خلية.
٢ - أن كل خلية يكون فيها نحلة واحدة كبيرة تسمى الملكة أو اليعسوب، وهي أكبرهم جثة، وأمرها نافذٌ فيهم، وعدد يتراوح بين أربع مئة نحلة وخمس مئة يسمى الذكور، وعدد آخر من خمسة عشر ألفًا إلى خمسين ألف نحلة، ويسمى الشغالات أو العاملات.
٣ - تعيش هذه الفصائل الثلاث في كل خلية عيشةً تعاونية على أدق ما يكون نظامًا، فعلى الملكة وحدها وضع البيض الذي يخرج منه نحل الخلية كلها، فهي أم النحل، وعلى الذكور تلقيح الملكات، وليس لها عمل آخر، وعلى الشغالة خدمة الخلية، وخدمة الملكات، وخدمة الذكور، فتنطلق في المزارع طول النهار لجمع رحيق الأزهار، ثم تعود إلى الخلية فتفرز عسلا يتغذى به سكان الخلية صغارًا وكبارًا، وتفرز الشمع الذي تبني به بيوتًا سداسية الشكل، تخزن في بعضها العسل، وفي بعض آخر منها تربي صغار النحل، ولا يمكن المهندس الحاذق أن يبني مثل هذه البيوت حتى يستعين بالآلات كالمسطرة والفرجار، قال الجوهري: ألهمها الله تعالى أن تبني بيوتها على شكل سداس حتى لا يحصل فيه خللٌ ولا فرجةٌ ضائعة، كما عليها أن تنظف الخلية، وتخفق بأجنحتها لتساعد على تهويتها، وعليها أيضًا الدفاع عن الملكة وحراستها من الأعداء، كالنمل والزنابير وبعض الطيور.