للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ}؛ أي: ألهمها وعلمها وأرشدها، {بُيُوتًا}؛ أي: أوكارًا، وأصل البيت مأوى الإنسان، واستعمل هنا في الوكر الذي تبنيه النحل لتعسل فيه، لما فيه من دقة الصنع وجميل الهندسة {يَعْرِشُونَ} بكسر الراء وضمها من بابي ضرب ونصر، كما في "المختار"، وفي "القاموس": وعرش يعرش بني عريشًا، كأعرش وعرش بالتشديد اهـ. ويعرشون؛ أي: يرفعون من الكروم والسقوف، والسبل الطرق واحدها سبيل، والذلل جمع ذلول؛ أي: منقادة طائعة، والشراب العسل مختلف ألوانه؛ أي: من أبيض إلى أصفر إلى أسود بحسب اختلاف المرعى، {أَرْذَلِ الْعُمُرِ} أردؤه وأخسه، يقال رذل الشيء يرذل رذالةً، وأرذله غيره، قال تعالى حكاية عما قاله قوم شعيب له: {وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ}، والحفدة: أولاد الأولاد، على ما روي عن الحسن والأزهري جمع حافد، ككتبةٍ وكاتب، من الحفد وهو الخفة في الخدمة والعمل، يقال منه حفد يحفد من باب ضرب حفدًا وحفودًا وحفدانًا إذا أسرع، كما جاء في القُنوت: "وإليك نسعى ونحفد".

{رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} رزق السماء المطر، ورزق الأرض النبات والثمار التي تخرج منها، {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ}؛ أي: لا تجعلوا له الأنداد والنظراء، فهو كقوله: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا}، وضرب (١) المثل للشيء ذكر الشبيه له، ليوضح حاله المبهمة، ويزيل ما عرض من الشك في أمره، {أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ} والبكم محركًا الخرس، وهو إمَّا ناشيءٌ من صمم خلقي، وإما لسبب عارض، ولا علة في أذنيه فهو يسمع لكن لسانه معتقل لا يطيق الكلام، فكل من ولد غير سميع فهو أبكم؛ لأن الكلام بعد السماع، ولا سماع له، وليس كل أبكم يكون أصم صممًا طبيعيًّا، فإن بعض البكم لا يكونون صمًّا، وفي "القاموس" (٢): البكم محركًا الخرس كالبكامة، أو مع عيٍّ وبله، أو أن يولد ولا ينطق ولا يسمع ولا يبصر، وبكم كفرح فهو أبكم وبكيمٌ، والجمع بكم، وبكم ككرم امتنع عن الكلام تعمدا اهـ. والكل الغليظ الثقيل، من قولهم: من كَلَّتِ


(١) المراغي.
(٢) القاموس.