للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعبارة "أبي حيَّان" هنا: لمَّا أبطل (١) الله سبحانه وتعالى مذاهب المشركين في هذه السورة من إثبات الشركاء لله، والطعن في نبوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتحليل ما حرَّم، وتحريم ما أحل، وكانوا مفتخرين بجدهم إبراهيم - عليه السلام - مقرين بحسن طريقته، ووجوب الاقتداء به .. ذكره في آخر السورة، وأوضح منهاجه، وما كان عليه من توحيد الله تعالى ورفض الأصنام، ليكون ذلك حاملًا لهم على الاقتداء به، وأيضًا فقد أجرى ذكر اليهود بين طريقة إبراهيم ليظهر الفرق بين حاله وحالهم وحال قريش. انتهى.

أسباب النزول

قوله: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا ...} الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه (٢) الحاكم والبيهقي - في "الدلائل" - والبزَّار عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف على حمزة حين استشهد وقد مثل به فقال: "لأمثلن بسبعين منهم مكانك" فنزل جبريل والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - واقف بخواتيم سورة النحل {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ...} إلى آخر السورة، فكفَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمسك عما أراد، وكفَّر عن يمينه، وأخرج الترمذي وحسّنه، والحاكم عن أبيِّ بن كعب قال: لمَّا (٣) كان يوم أحد أُصيب من الأنصار أربعةٌ وستون، ومن المهاجرين ستةٌ منهم حمزة فمثلوا بهم، فقالت الأنصار: لئن أصبنا منهم يومًا من الدهر .. لنزيدن على عدتهم مرتين، فلما كان يوم فتح مكة .. أنزل الله: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا ...} الآية، فقال رجلٌ: لا قريش بعد اليوم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كُفُّوا عن القوم إلا أربعة" هذا حديث حسن غريب من حديث أبي بن كعب، وظاهر هذا تأخر نزولها إلى الفتح، وفي الحديث الذي قبله نزولها بأحد، وجمع ابن الحصار بأنها نزلت أولًا بمكة، ثم ثانيًا بأحد، ثم ثالثًا يوم الفتح تذكيرًا من الله لعباده.


(١) البحر المحيط.
(٢) لباب النقول.
(٣) زاد المسير ولباب النقول.