وأنكره آخرون، وأثبتوا أنَّ المعراج كان بالروح فحسب لوجوه:
١ - أنَّ الحركة البالغة في السرعة إلى هذا الحد غير معقولة.
٢ - أنه لو صح ذلك لكان أعظم المعجزات، وكان يجب أن يظهر حين اجتماع الناس حتى يستدل به على صدقه في ادّعاء النبوة، فأما أن يحصل ذلك في وقت لا يراه فيه أحد، ولا يشاهده فيه مشاهد، فإنّ ذلك عبث لا يليق بحكمة الحكيم.
٣ - أن الصعود بالجسم إلى العالم العلوي فوق طبقات معينة، مستحيلٌ، لأن الهواء معدوم، فلا يمكن أن يعيش فيه الجسم الحي، أو يتنفس فيه.
٤ - أن حديث المعراج اشتمل على أشياء في غاية البعد:
أ - شق بطنه، وتطهيره بماء زمزم، والذي يغسل بالماء هو النجاسات العينية، ولا تأثير لذلك في تطهير القلب من العقائد الزائغة، والأخلاق المذمومة.
ب - ركوب البراق ولا حاجة له بذلك؛ لأن العالم العلوي في غنى عن ذلك.
ج - أنه تعالى أوجب خمسين صلاة، ولم يزل محمد - صلى الله عليه وسلم - يتردد بين الله وموسى عليه السلام إلى أن عاد الخمسون إلى خمس بسبب شفقة موسى عليه السلام، وهذا غير جائز، كما قال القاضي أبو بكر الباقلاني؛ لأنه يقتضي نسخ الحكم قبل العمل به، وهذا بداء محال على الله سبحانه وتعالى.
د - لم يقل أحد من المسلمين بأنّ الأنبياء أحياء بأجسادهم في العالم العلوي، وإنما الحياة هناك حياة روحية لا جسمانية، والتخاطب، والكلام معهم، والصلاة بهم من الأمور الروحية، لا الجسمية، إذ لا يعقل غير هذا، وبهذا يثبت المعراج الروحي لا الجسماني.
ويمكن أن يجيب الأولون عن الاستبعادات العقلية بأن هذه معجزة، والله