والنصير الناصر والمعين وفي «السمين» يجوز أن يكون بمعنى فاعل للمبالغة، وأن يكون بمعنى مفعول، أي: منصورًا به {وَزَهَقَ الْباطِلُ} في «المختار»: زهقت نفسه خرجت، ومنه قوله تعالى:{وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ} وزهق الباطل؛ أي: زال واضمحلَّ، وبابهما خضع، وزهقت من - باب تعب - زهوقًا لغة فيه عند بعضهم اهـ.
{وَنَأى بِجانِبِهِ} النأي بالجانب أن يوليه عطفه، ويوليه ظهره، وأراد به الاستكبار؛ لأن ذلك ديدن المستكبرين، وفي «المصباح»: ونأى نأيا - من باب سعى - إذا بعد، ويتعدى بنفسه، وبالحرف، وهو الأكثر فيقال: نأيته، ونأيت عنه، ويتعدى بالهمزة، فيقال: أنأيته {شَاكِلَتِهِ} مذهبه، وطريقته التي تشاكل حاله في الهدى، والضلالة من قولهم: طريق ذو شواكل وهي الطريق التي تتشعب منه، والمعنى: كل إنسان يعمل حسب جوهر نفسه، فإن كانت نفسه شريفةً طاهرةً، صدرت عنه أفعالٌ جميلة، وإن كانت نفسه كدرةً خبيثةً، صدرت عنه أفعالٌ خبيثةٌ فاسدةٌ {يَؤُسًا}؛ أي: شديد اليأس، والقنوط من رحمة الله، {أَهْدى}؛ أي: أسد طريقًا وأقوم منهجًا {ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلًا}؛ أي: ملتزمًا استرداده بعد الذهاب به كما يلتزم الوكيل ذلك فيما يتوكّل عليه، {ظَهِيرًا}؛ أي: معينًا في تحقيق ما يتوخّونه من الإتيان بمثله {صَرَّفْنا}؛ أي: كرّرنا، وردّدنا {إِلَّا كُفُورًا}؛ أي: جحودًا {يَنْبُوعًا} والينبوع بفتح الياء عين كثيرة الماء لا ينقطع ماؤها، ووزنه يفعول من نبع الماء كيعبوب من عب الماء إذا زخر؛ أي: كثر موجه، ومنه: البحر الزّاخر اهـ «بيضاوي»، «وشهاب». {جَنَّةٌ}؛ أي: بستان تستر أشجاره ما تحتها من الأرض.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الطباق بين {الْبَرِّ}، و {الْبَحْرِ} في قوله: {وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}.