للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الدنيا أحسن وأطيب من حالنا، من قبل أن الحكيم لا يليق به أن يوقع المخلصين من أوليائه في الذل والمهانة، وأعدائه في العز والراحة، لكنا نجد الأمر على العكس من هذا، فإنا نحن الذين يمتعون برفاهية العيشى والرخاء والنعيم، وأنتم في ضنكٍ وفقرٍ وخوفٍ وذلٍ، فهذا دليل على أنا على الحق وأنتم على الباطل وقد رد الله تعالى عليهم مقالتهم بأن الكافرين قبلكم وكانوا أحسن منكم حالًا، وأكثر أموالًا، قد أبادهم الله، وأهلكهم بعذاب الاستئصال، فدل هذا على أن نعيم الدنيا لا يرشد إلى محبة الله لمن أوتوه، ولا إلى أنهم مصطفون له من بين خلقه.

قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (٧٧) ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه (١) لما ذكر الدلائل على صحة البعث، ثم أورد شبه المنكرين له وأجاب عنها بما فيه مقنع لكل ذي لب .. أردف ذلك بذكر مقالتهم التي قالوها استهزاءً وطعناً في القول بالحشر والبعث.

قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر إنكار المشركين للبعث مع قيام الدليل على إمكانه بما نشاهد من أمر الخلق في النشأة الأولى .. أردف ذلك بالرد على عباد الأصنام، الذين اتخذوا أصنامهم آلهة ليعتزوا بهم يوم القيامة عند ربهم، ويكونوا شفعاء لهم لديه، فبيَّن أنهم سيكونون لهم أعداء، وأنه ما جرَّأهم على تلك الغواية إلا وسوسة الشيطان لهم، ثم طلب إلى رسوله أن لا يستعجل المشركين، فإنما هي أنفاس معدودات ثم يهلكون، ثم ذكر ما يحوط المؤمنين من الكرامة حين وفودهم إلى ربهم، وما يحيق بالمشركين من الإهانة حين يرِدون عليه.

قوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨)} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى، لما (٢) رد على عبدة الأوثان، وأثبت لهم بقاطع


(١) المراغي.
(٢) المراغي.