باب تعب لقفًا، والتقف الشيء: تناوله بسرعة {صَنَعُوا}؛ أي: زوّروا وافتعلوا {كَيْدُ سَاحِرٍ}؛ أي: كيد سحري لا حقيقة له ولا ثبات.
فصل في بيان السحر
{السِّحْرَ} في اللغة: كل ما لطف ودق، ومنه السحر للصبح الكاذب، وقوله - عليه السلام -: "إن من البيان لسحرا" وبابه: منع وفي العرف: إراءة الباطل في صورة الحق، وهو عندنا أمر ثابت، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "السحر حق، والعين حق" وفي "شرح الأمالي" السحر من سحر يسحر سحرًا: إذا خدع أحدًا، وجعله مدهوشًا متحيرًا، وهذا إنما يكون بأن يفعل الساحر شيئًا يعجز عن فعله، وإدراكه المسحور عليه، وفي كتاب "أختلاف الأئمة" السحر: رقىً وعزائم وعقد، تؤثر في الأبدان والقلوب، فيمرض ويقتل، ويفرق بين المرء وزوجه، وله حقيقة عند الأئمة الثلاثة، وقال الإِمام أبو حنيفة - رحمه الله -: لا حقيقة له، ولا تأثير له في الجسم، وبه قال أبو جعفر الإسترابادي من الشافعية، وفي "شرح المقاصد": السحر إظهار أمرٍ خارقٍ للعادة، من نفس شريرة خبيثة، بمباشرة أعمال مخصوصة، يجري فيها التعلم والتعليم، وبهذين الاعتبارين، يفارق المعجزة والكرامة، وبأنه لا يكون بحسب اقتراح المقترحين، وبأنه يخص الأزمنة أو الأمكنة أو الشرائط، وبأنه قد يتصدى لمعارضته، ويبذل الجهد في الإتيان بمثله، وبأن صاحبه ربما يعلن بالفسق، ويتصف بالرجس في الظاهر والباطن، والخزي في الدنيا والآخرة، وهو؛ أي: السحر عند أهل الحق: جائز عقلًا، ثابت سمعًا، وكذا الإصابة بالعين، وقال المعتزلة: بل هو مجرد إراءة ما لا حقيقة له، بمنزلة الشعوذة التى سببها خفة حركات اليد، أو إخفاء وجه الحيلة، ويقال لها: الشعبذة، معرب شعباذة، اسم رجل ينسب إليه هذا العلم، وهي خيالات مبنية على خفة اليد، وأخذ البصر في تقليب الأشياء، كالمشي على الأرسال، واللعب بالمهارق والحقات وغير ذلك، وللسحر: خمسة أنواع على المشهور:
منها: الطلسم، قيل: هو مقلوب المسلط، وهو جمع الآثار السماوية، مع عقاقير الأرض ليظهر منها أمر عجيب.