للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والشافعي محمد بن إدريس الإِمام المطلبي، جعلوها {أَنْ} الناصبة للمضارع، وتكون الرؤية من الإبصار؛ أي: ألا ينظرون فلا يبصرون عدم رجعه إليهم قولًا من الأقوال، فقوله (١) {يَرْجِعُ}: من المرجع المتعدي بمعنى الإعادة، لا من الرجوع اللازم بمعنى العود، والمعنى؛ أي: أفلا يعتبرون ويتفكرون في أن هذا العجلى لا يرجع إليهم قولًا؛ أي: لا يرد عليهم جوابًا، ولا يكلمهم إذا كلموه، فكيف يتوهمون أنه إله، وهو عاجز عن المكالمة.

وجملة قوله: {وَلَا يَمْلِكُ} العجل {لَهُمْ}؛ أي: لعابديه {ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} معطوفة (٢) على جملة: {أَلَّا يَرْجِعُ}؛ أي: أفلا يرون أنه لا يقدر على أن يدفع عنهم ضرًا، ولا يجلب لهم نفعًا، فيخافوه كما يخافون فرعون، ويرجون منه كما يرجون من فرعون، فكيف يقولون ذلك، وفي الكلام (٣) توبيخ لهم، إذ عبدوا ما لا يملك ضرًا من ترك عبادته، ولا ينفع من عبده، وكان العجل فتنةً من الله تعالى ابتلى به بني إسرائيل.

قال في "التأويلات النجمية" (٤) فيه: إشارة إلى أن الله تعالى: إذا أراد أن يقضي قضاءً .. سلب ذوي العقول عقولهم، وأعمى أبصارهم بعد أن رأوا الآيات، وشاهدوا المعجزات، كأنهم لم يروا شيئًا فيها، فلهذا قال: {أَفَلَا يَرَوْنَ} يعني: العجل وعجزه {أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا}؛ أي: شيئًا من القول {وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} انتهى.

قال بعضهم:

أيَا سَامِعَاً لَيْسَ السَّمَاعُ بِنَافِعٍ ... إِذَا أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا أَنْتَ سَامِعُ

إِذَا كُنْتَ في الدُّنْيَا مِنَ الْخَيْرِ عَاجِزَاً ... فَمَا أَنْتَ فِيْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ صَانِعُ


(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.
(٣) الخازن.
(٤) روح البيان.