للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الآخرة بالعقاب على الشرك والإفساد {لَنْ تُخْلَفَهُ}؛ أي (١): لن يخلفه الله ذلك الوعد، بل ينجزه البتة، بعدما عاقبك في الدنيا، والخلف والإخلاف: المخالفة في الوعد، يقال: وعدني فأخلفني؛ أي: خالف في الميعاد، وقرأ الجمهور (٢): {لَنْ تُخْلَفَهُ} بالتاء المضمومة وفتح اللام، على معنى لن يقع فيه خلف، بل ينجزه لك الله في الآخرة، على الشرك والإفساد بعدما عاقبك في الدنيا، وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب، والأعمش، وابن محيص، واليزيدي، والحسن: {لن تخلِفه}؛ أي: لن تستطيع الروغان والاختفاء والحيدة عنه، فتغيب عن موعد العذاب، وقرأ ابن مسعود، والحسن - بخلاف عنه -: {لن نخلفه} بالنون وكسر اللام؛ أي: لا ننقص مما وعدنا لك من الزمان شيئًا.

وأما حال إلهه: فقد بيَّنه بقوله: {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ}؛ أي: إلى هذا المعبود بزعمك {الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا}؛ أي: صوت مقيمًا على عبادته، والله {لَنُحَرِّقَنَّهُ} بالنار (٣)، ويؤيده قراءة: {لنحرقنه} من الإحراق، وهو إيقاع نارٍ ذات لهب في الشيء، بخلاف الحرق فإنه إيقاع حرارة في الشيء من غير لهب، كحرق الثوب بالدق أو لنحرقنه بالمبرد، على أنه مبالغة في حرق إذا برد بالمبرد، ويعضده قراءة، {لنحرقنه} بفتح النون وضم الراء؛ أي: لنبردنه، يقال: بردت الحديد بالمبرد، والبرادة: ما سقط منه، وقرأ (٤) الجمهور: {لَنُحَرِّقَنَّهُ} بضم النون وتشديد الراء، من حرقه يحرقه.

وقرأ الحسن، وقتادة، وأبو جعفر، وأبو رجاء، والكلبي: {لنحرقنه} بضم النون وسكون الحاء وتخفيف الراء، من أحرقه يحرقه رباعيًا، وقرأ علي، وابن عباس، وحميد، وأبو جعفر - في رواية - وعمرو بن فائد، وابن محيصن، وأشهب والعقيلي: {لنحرقنه} بفتح النون وضم الراء مخففةً، من حرقت الشيء: أحرقه وأحرقه بضم راء المضارع وكسرها، إذا بردته، وحككت بعضه ببعض, أي: لنبردنه بالمبارد، ويقال للمبرد: المحرق، والقراءة الأولى أولى، ومعناها


(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.
(٣) روح البيان.
(٤) البحر المحيط.