للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وخلاصة ذلك: أنصت حين نزول الوحي بالقرآن عليك، حتى إذا فرغ الملك من قراءته .. فاقرأه من بعده.

وقرأ الجمهور (١): {يُقْضَى إِلَيْكَ} مبنيًا للمفعول {وَحْيُهُ}: مرفوع به، وقرأ عبد الله، والجحدري والحسن، وأبو حيوة، ويعقوب، وسلام، والزعفراني، وابن مقسم: {نقضي} بنون العظمة، مفتوح الياء {وحيه}: بالنصب، وقرأ الأعمش؛ كذلك إلا أنه سكن الياء من {نقضي} قال صاحب، اللوامح لا وذلك على لغة من لا يرى فتح الياء، بحال إذا انكسر ما قبلها وحلت طرفًا. انتهى.

وفي "التأويلات النجمية" وفي قوله: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ} إشارة إلى سكوته عند قراءة القرآن، واستماعه والتدبر في معانيه وأسراره، للتنور بأنواره، وكشف حقائقه، ولهذا قال: {وَقُلْ} يا محمد في نفسك {رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}؛ أي: فهمًا (٢) لإدراك حقائقه، فإنها غير متناهية، وتنورًا بأنواره، وتخلقًا بخلقه، وقال بعضهم: {عِلْمًا} بالقرآن، فكان كل ما نزل عليه شيء من القرآن .. ازداد به علمًا.

والمعنى: أي سل الله زيادةً في العلم، دون استعجال بتلاوة الوحي، فإن ما أوحي إليك يبقى لا محالة، روى الترمذي، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وزدني علمًا والحمد لله على كل حال، وأعوذ بالله من حال أهل النار".

وكان ابن مسعود: إذا قرأ هذه الآية قال: اللهم زدني إيمانًا وفقهًا ويقينًا وعلمًا.

وفي الآية: بيان لشرف العلم، وقيل: ما أمر الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - بطلب الزيادة في شيء إلا في طلب العلم، والمعتبر هو العلم النافع، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع" والعلم بالله لا يتيسر إلا بتصفية الباطن، فتصفية القلب عما سوى الله تعالى من أعظم القربات، وأفضل الطاعات، ولذلك


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.