الذين قالوا: اتخذ الله ولدًا من الملائكة، وطالبهم بالدليل على صدق ما يدَّعون، وبين لهم أنه لا سبيل إلى إثبات ذلك، لا من طريق العقل كما هو واضح، ولا من طريق النقل، إذ كل الرسل السابقين كان أس دعوتهم {أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} .. أردف ذلك بتوبيخهم عل عدم تدبرهم الآيات المنصوبة في الكون الدالة على التوحيد، ولفت أنظارهم إلى أنه لا ينبغي عبادة الأصنام، والأوثان، فإن الإله القادر على مثل هذه المخلوقات، لا يعبد سواه من حجر أو شجر لا يضر ولا ينفع.
قوله تعالى:{وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر الأدلة على وجود الخالق الواحد القادر، بما يرون من الآيات الكونية .. أردف ذلك ببيان أن هذه الدنيا ما خلقت للخلود والدوام، ولا خلق من فيها للبقاء، بل خلقت للابتلاء والامتحان، ولتكون وسيلةً إلى الآخرة التي هي دار الخلود، فلا تشمتوا إذا مات محمد - صلى الله عليه وسلم - فما هذا بسبيله وحده، بل هذه سنة الله في الخلق أجمعين، قال الشافعي - رحمه
ثم ذكر أنهم نعوا على نبيه - صلى الله عليه وسلم - ذكر آلهتهم التي لا تضرّ ولا تنفع بالسوء، ورد عليهم بأنهم قد كفروا بالرحمن المنعم على عباده الخالق لهم المحيي المميت، ولا شيء أقبح من هذا وأخلق بالذم منه.
قوله تعالى:{خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لمّا ذكر أنه كلما أتى المشركين آية كفروا بها، وكلما توعّدهم بالعذاب كذبوا به، وقالوا تهكمًا وإنكارًا: متى هذا الوعد إن كنتم صادقين .. قفّى على ذلك بنهيهم عن العجلة، وبيان أن ما أوعدوا به آت لا محالة، ثم أرشد إلى أن العجلة من طبيعة الإنسان التي جبل عليها، ثم ذكرهم بجهلهم ما يستعجلون فإنهم لو عرفوا عنه ما طلبوا ما دار بخلدهم ذلك المطلب.