للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من يحملها من اعتداء الجنّ، ومسِّ العفاريت. وإنَّما قصَّ القرآن علينا هذا القصص (١)؛ للذكرى؛ وليبيِّن لنا ما افتراه أهل الأهواء على سليمان من أمر السحر، فكان صادًّا عن العمل بالدين وأحكامه لدى اليهود، ومن ثمَّ لم يهتدوا بالنبيِّ الذي بشَّر به كتابهم.

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا ...} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أنّه سبحانه وتعالى، لما فرغ من الأحاديث الخاصَّة باليهود، انتقل إلى حديثٍ مشترك بينهم وبين المؤمنين، والنصارى في أمرٍ من أمور الدِّين.

أسباب النزول

قوله تعالى: {إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ ...} الآية، سبب نزولها (٢): ما أخرجه ابن جرير عن أبي العالية قال: قالت اليهود: لن يدخل الجنَّة إلّا من كان هودًا، فأنزل الله سبحانه: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً ...} الآية.

قوله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ ...} الآية، سبب نزولها: ما روى البخاري عن أنس - رضي الله عنه - قال: سمع عبد الله بن سلام، مقدم رسول الله وهو في أرضٍ يخترف، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إنّي سائلك عن ثلاث لا يعلمهنّ إلّا نبيٌّ ما أوّلُ أشراط الساعة؟ وما أوّل طعام أهل الجنة؟ وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمّه؟ قال: أخبرني بهنّ جبريل آنفًا، قال جبريل: قال نعم، قال: ذاك عدوُّ اليهود من الملائكة، فقرأ هذه الآية: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ ...}.

قال شيخ الإِسلام ابن حجر العسقلانيُّ في "فتح الباري": ظاهر السياق: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ الآية ردًّا على اليهود، ولا يستلزم ذلك نزولها حينئذ، قال: وهذا هو المعتمد: فقد صحَّ في سبب نزول الآية: قصّةٌ غير قصّة عبد الله بن سلام، فأخرج أحمد، والترمذي، والنسائي من طريق بكر بن شهاب، عن سعيد بن جبير، عن


(١) المراغي.
(٢) لباب النقول.