للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رَبِّهِ}؛ أي: في الآخرة من التهاون بشيء منها؛ أي: قربة وطاعة يثاب عليها عند الله تعالى.

وقيل: إن صيغة التفضيل هنا (١) لا يراد بها معناها الحقيقي، بل المراد أن ذلك التعظيم خير ينتفع به، فهي عدة بخير، أي: فالتعظيم خير له عند ربه، أي: قربة منه وزيادة في طاعته يثيبه عليها. وفي الآية، إشارة (٢) إلى أن تعظيم حرمات الله، هو نفس تعظيم الله تعالى، في ترك ما حرمه الله عليه، وفعل ما أمره به. يقال: بالطاعة يصل العبد إلى الجنة، وبالحرمة يصل إلى الله، ولهذا قال: {فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} يعني تعظيم الحرمة، والتكاليف، خير للعبد، في التقرب إلى الله، من تقربه بالطاعة. ويقال: ترك الخدمة يوجب العقوبة. وترك الحرمة يوجب الفرقة. ويقال: كل شيء من المخالفات، فالعفو فيه مساغ وللأمل فيه طريق، وترك الحرمة على خطر أن لا يغفر ذلك، وذلك بأن يؤدي شؤمه لصاحبه إلى أن يختل دينه وتوحيده. والمعنى؛ أي: هذا الذي أمر به من قضاء التفث والوفاء بالنذور، والطواف بالبيت، هو الفرض الواجب عليكم أيها الناس في حجكم، ومن يجتنب ما أمر باجتنابه في حال إحرامه تعظيمًا منه لحدود الله، أن يواقعها، وحرمه أن يستحلها فهو خير له عند ربه في الآخرة، بما يناله من رضاه وجزيل ثوابه.

{وَأُحِلَّتْ}؛ أي: جعلت حلالاً وهو من حل العقدة، {لَكُمُ}؛ أي: لمنافعكم {الْأَنْعَامُ} وهي الأزواج الثمانية على الإطلاق، من الضأن اثنين، أي: الذكر والأنثى، ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين، ومن البقر اثنين، فالخيل والبغال والحمير خارجة من الأنعام. {إِلَّا مَا يُتْلَى} ويقرأ {عَلَيْكُمْ} تحريمه في آية {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} في سورة المائدة.

أي: وأحل لكم (٣) أيها الناس، أن تأكلوا الأنعام إذا ذكيتموها، فلم يحرم


(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.