للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عليكم بحيرةً ولا سائبةً ولا وصيلةً ولا حاميًا، إلا ما يتلى عليكم تحريمه في كتاب الله تعالى، وهو الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به، والمنحنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع وما ذبح على النصب، فإن كل ذلك رجس. أو المعنى: ورخصت لكم حال الإحرام ذبيحة الأنعام، وأكل لحومها، إلا ما يتلى عليكم آية تحريمه، مما حرم منها لعارضٍ، كالميتة، وما أهل به لغير الله تعالى.

والفاء في قوله: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} تفريعية (١) على قوله: {وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ} فلما حث على المحافظة على حدود الله، وترك الشرك تفرع عنه هذا، اهـ. "شهاب".

أي: وابتعدوا عن الرجس الذي هو الأوثان واتركوا عبادتها، فإنها سبب الرجس الذي هو العذاب، أو هي الرجس الذي هو النجس؛ لأن عبادتها أعظم من التلوث بالنجاسات؛ أي: فاجتنبوا عبادة الرجس والنجس الذي هو الأوثان. والرجس الشيء القذر، يقال: رجل رجس ورجال أرجاس والرجس يكون على أربعة أوجه، إما من حيث الطبع، وإما من جهة العقل، وإما من جهة الشريعة، وإما من كل ذلك، كالميتة فإنها تعاف طبعًا وعقلًا وشرعًا. والرجس من جهة الشرع: الخمر والميسر والأوثان، وهي جمع وثن، وهو حجارة كانت تعبد، كما في "المفردات" وقال بعضهم (٢): الفرق بينه وبين الصنم: أن الصنم هو الذي يؤلف من شجر، أو ذهب، أو فضة في صورة الإنسان. والوثن هو الذي ليس كذلك، وأصله من وثن الشيء؛ أي: أقام في مقامه، وسمي الصليب وثنًا؛ لأنه ينصب ويركز في مقامه، فلا يبرح عنه.

قال في "الإرشاد": قوله: {فَاجْتَنِبُوا ...} إلخ، مرتب على ما يفيده قوله تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ} من وجوب مراعاتها والاجتناب عن هتكها،


(١) شهاب.
(٢) روح البيان.