للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جنات النعيم، ويجازي الذين كذبوا بآياته، وكانوا في مرية من رسالة رسوله بالعذاب المهين، جزاء وفاقًا على تدسية أنفسهم وتدنيسها بزائغ العقائد، وسيء الأعمال، وباطلها.

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر أن الملك له يوم القيامة، وأنه يحكم بين عباده المؤمنين والكافرين، وأنه يدخل المؤمنين جنات النعيم .. أردف ذلك ذكر وعده الكريم للمهاجرين في سبيله، بأنه يرزقهم الرزق الحسن ويدخلهم مدخلًا يرضونه، ثم ذكر وعده لمن قاتل مبغيًا عليه بأن اضطر إلى الهجرة، ومفارقة الوطن، بأنه ينصره وهو قدير على ذلك.

أسباب النزول

قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ...} الآية، سبب نزول هذه الآية (١): ما أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس، أنه قال: لما أخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة، قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم، إنا لله وإنا إليه راجعون، ليهلكن القوم فأنزل الله {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩)} قال أبو بكر: فعرفت أنه سيكون قتال. وقيل (٢): نزلت هذه الآية في قوم خرجوا مهاجرين من مكة إلى المدينة، فاعترضهم مشركو مكة، فأذن الله لهم في قتال الكفار، الذين يمنعونهم من الهجرة، بسبب أنهم مظلومون بالإيذاء. وقيل: كان مشركو مكة يؤذون أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذى شديدًا، وكانوا يأتونه - صلى الله عليه وسلم -، من بين مضروب ومشجوج يشكون إليه فيقول لهم اصبروا، فإني لم أومر بالقتال حتى هاجر، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وهي أول آية أذن فيها بالقتال بعدما نهى عنه في نيف وسبعين آية.

قوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ ...} الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عثمان بن عفان - رضي


(١) الشوكاني.
(٢) المراغي.