للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأكدار في الدنيا وهم لا يشعرون.

وقال أبو حيان (١): واختلفوا في هذا التشبيه، فقيل: في العدد؛ أي: اليوم عند الله ألف سنة من عددكم. وفي الحديث الصحيح: "يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم، وذلك خمس مئة عام". فالمعنى: وإن طال الإمهال فإنه في بعض يوم من أيام الله. وقيل: التشبيه وقع في الطول للعذاب فيه والشدة؛ أي: وإن يومًا من أيام عذاب الله، لشدة العذاب فيه وطوله، كألف سنة من عددكم، إذ أيام الترحة مستطالة، وأيام الفرحة مستقصرة. وكان ذلك اليوم كألف سنة من سني العذاب والمعنى: أنهم لو عرفوا حال الآخرة ما استعجلوه. وقيل: التشبيه بالنسبة إلى علمه تعالى وقدرته، وإنفاذ ما يريد كألف سنة. وقال ابن عيسى: يجمع لهم عذاب ألف سنة في يوم واحد، ولأهل الجنة سرور ألف سنة في يوم واحد واقتصر في التشبيه على الألف؛ لأن الألف منتهى العدد بلا تكرار. انتهى.

وقيل المعنى (٢): وإن يومًا من الخوف والشدة في الآخرة كألف سنة من سني الدنيا، فيها خوف وشدة، وكذلك يوم النعيم قياسًا. وجملة قوله: {وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ} محلها النصب على الحال؛ أي: والحال أنه لا يخلف وعده أبدًا، وقد سبق الوعد فلا بد من مجيئه حتمًا، أو هي اعتراضية مبينة لما قبلها. وعلى الأول تكون جملة {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ} إلخ مستأنفة، وعلى الثاني تكون معطوفة على الجملة التي قبلها، مسوقة لبيان حالهم في الاستعجال.

وقرأ الأخوان حمزة والكسائي: {مما يعدون} بالتحتية. واختار هذه القراءة أبو عبيد لقوله: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ} وقرأ الباقون بالفوقية على الخطاب. {وتستعجلون بالعذاب} واختارها أبو حاتم. ويكون فيه التفات. فعلى (٣) العاقل أن يلاحظ أن كل آت قريب، ولا يغتر بالإمهال، فإن بطش الله شديد، وعذابه لا


(١) البحر المحيط.
(٢) الشوكاني.
(٣) روح البيان.