للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ذَلِكُمُ} والهمزة فيه للاستفهام التقريعي داخلة على محذوف. والفاء عاطفة على ذلك المحذوف والتقدير: قل لهم أيها الرسول أتسمعون ما أقول: فأخبركم بأشر وأقبح، وأشد ضررًا عليكم من ذلكم الذي في قلوبكم من الغيظ على التالين للآيات، وأكره عليكم من سماع القرآن، حتى قاربتم أن تسطوا بهم وتمدوا إليهم أيديكم وألسنتكم بالسوء. ثم أجاب عن هذا الاستفهام، فقال {النَّارُ}؛ أي: ذلك الأشر، هو النار، على أنه جواب لسؤال مقدر، كأنه قيل: ما هو؟ فأجاب بقوله: ذلك الشر، هو النار التي أعدها الله تعالى لكم و {وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا}؛ أي: خوف بها الذين كفروا {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}؛ أي: وقبح الموضع الذي تصيرون وترجعون إليه وهو النار.

والمعنى: أي (١) النار وعذابها أشق وأعظم مما تخوفون به أولياء الله المؤمنين في الدنيا، ومما تنالون منهم، إن نلتم بإرادتكم واختياركم. {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}؛ أي: وبئس النار موئلًا ومقامًا لهؤلاء المشركين بالله. ونحو الآية قوله: ({إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (٦٦)}.

وقرأ الجمهور (٢): {النار} رفعًا على إضمار مبتدأ كان قائلًا يقول قال: وما هو؛ قال: النار؛ أي: نار جهنم. وجملة وعدها، إما حال من النار، وإما خبر بعد خبر وإما مستأنفة. وأجاز الزمخشري أن تكون {النار} مبتدأ، وجملة {وعدها} خبرًا عنها. وقرأ ابن أبي عبلة وإبراهيم بن يوسف عن الأعشى وزيد بن علي: {النارَ} بالنصب على الاختصاص. قال: الزمخشري: ومن أجاز في الرفع أن تكون النار مبتدأ، فقياسه أن يجيز النصب على الاشتغال. وقرأ ابن أبي إسحاق وإبراهيم بن نوح عن قتيبة {النار} بالجر على البدل من {شر}، فتكون جملة {وعدها} مستأنفة.

والظاهر أن الضمير في {وعدها} هو المفعول الأول، على أنه تعالى وعد النار بالكفار أن يطعمها إياهم، ألا ترى إلى قولها: {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} ويجوز أن


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.