استحقاقهم الفردوس بأعمالهم، حسبما يقتضيه الوعد الكريم بالوراثة، للمبالغة فيه، بجامع قوة الملك؛ لأن الوراثة أقوى سبب يقع في ملك الشيء، ولا يتعقبه رد ولا فسخ ولا إقالة ولا نقض.
ومنها: أسرار لطيفة المأخذ، دقيقة المعنى، في مخالفة حروف العطف في آيات {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً} الآيات، فقد ذكر تعالى تفاصيل حال المخلوق في تنقله، فبدأ بالخلق الأول، وهو خلق آدم من طين، ولما عطف عليه الخلق الثاني، الذي هو خلق نسل عطفه بثم لما بينهما من التراخي، وحيث صار إلى التقدير الذي: يتبع بعضه بعضًا، من غير تراخ عطفه بالفاء، ولما انتهى إلى جعله ذكرًا أو أنثى، وهو آخر الخلق، عطفه بثم، ونحن نعلم أن الزمن الذي تصير فيه النطفة علقة طويل، ولكن الحالتين متصلتان، فأحيانًا ينظر إلى طول الزمان، فيعطف بثم، وأحيانًا ينظر إلى اتصال الحالين، ثانيهما بأول ما من غير فاصل بينهما بغيرهما، فيعطف بالفاء، ومثل هذا تزوج محمد فولد له.
ومنها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: {فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} حيث شبه الرحم بالقرار؛ أي: بموضع الاستقرار فخذف المشبه، الذي هو الرحم، وأبقى المشبه به، وهو القرار، ثم وصفه بمكين، بمعنى متمكن، لتمكنه في نفسه، بحيث لا يعرض له اختلال، أو لتمكن ما يحل فيه، كقولهم: طريق سائر؛ أي: يسار فيه.
ومنها: تنزيل غير المنكر، منزلة المنكر، في قوله: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥)} الناس لا ينكرون الموت، ولكن غفلتهم عنه، وعدم استعدادهم له بالعمل الصالح، يعدان من علامات الإنكار، ولذلك نزلوا منزلة المنكرين، وألقى الخبر مؤكدًا، بمؤكدين إن واللام.
ومنها: الاستعارة اللطيفة في قوله: {سَبْعَ طَرَائِقَ} شبهت السماوات السبع بطرائق النعل، التي يجعل بعضها فوق بعض، بطريق الاستعارة.
ومنها: العدول عن الإضمار إلى الإظهار في قوله: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ}