وقوله:{لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} وفي هذا تهديد للعصاة، وتأنيس للمطيعين من الحيف والظلم.
وجملة قوله:{وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} مستأنفة (١)، للتحريض على ما وصف به السابقون، من فعل الطاعات المؤدي إلى نيل الكرامات، ببيان سهولته، وكونه غير خارج عن حد الوسع والطاقة، وأن ذلك عادة الله سبحانه في تكليف عباده، وجملة قوله:{وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ} من تمام ما قبلها، من نفي التكليف بما فوق الوسع، وقيل: المراد بالكتاب اللوح المحفوظ، فإنه قد كتب فيه كل شيء، وقيل: المراد بالكتاب القرآن والأول أولى.
ثم بيّن فضله على عباده، وعدله بينهم في الجزاء إثر بيان لطفه في التكليف وكتابة الأعمال على ما هي عليه، فقال:{وَهُمْ لَا يُظْلَمُون} في الجزاء بنقص ثواب، أو زيادة عذاب، بل يجزون بقدر أعمالهم التي كلفوها، ونطقت بها صحائفها بالحق، والجمع في {وَهُمْ لَا يُظْلَمُون} باعتبار عموم النفس لوقوعها في سياق النفي.
{ثُمَّ}: حرف عطف وتراخ، {أَنْشَأْنَا}: فعل وفاعل {مِنْ بَعْدِهِمْ}: جار ومجرور، متعلق بمحذوف حال من {قَرْنًا}؛ لأنه صفة نكرة قدمت عليها. {قَرْنًا}: مفعول به. {آخَرِينَ}: صفة لـ {قَرْنًا}. والجملة الفعلية معطوفة على محذوف معلوم من السياق، تقديره: فأغرقنا قوم نوح لما كذبوه، ثم أنشأنا من بعدهم قرنًا آخرين. {فَأَرْسَلْنَا}: الفاء: عاطفة. {أرسلنا}: فعل وفاعل. {فِيهِمْ} متعلق بـ {أرسلنا}. {رَسُولًا}: مفعول به. {مِنْهُمْ} جار ومجرور صفة