للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أنها كانت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وميمونة، إذا أقبل ابن أم مكتوم، فدخل عليه بعد ما أمرنا بالحجاب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "احتجبا منه". فقلت: يا رسول الله أليس هو لا يبصرنا , ولا يعرفنا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أو عمياوان أنتما، أو لستما تبصرانه".

والحاصل (١): أن الله سبحانه أمر المؤمنين والمؤمنات بغض الأبصار، فلا يحل للرجل أن ينظر إلى المرأة، ولا للمرأة أن تنظر إلى الرجل، فإن علاقتها به كعلاقته بها، وقصدها منه كقصده منها. وقال مجاهد: إذا أقبلت المرأة جلس إبليس على رأسها، فزينها لمن ينظر، وإذا أدبرت جلس على عجيزتها فزينها لمن ينظر. اهـ. "قرطبي". وخص (٢) سبحانه الإناث بهذا الخطاب على طريق التأكيد لدخولهن تحت خطاب المؤمنين تغليبًا، كما في سائر الخطابات القرآنية.

وظهر التضعيف في يغضضن، ولم يظهر في يغضوا؛ لأن لام الفعل من الأول متحركة، ومن الثاني ساكنةً. وهما في موضع جزم جوابًا للأمر. وبدأ سبحانه في الموضعين بالغضّ قبل حفظ الفرج؛ لأن النظر وسيلة إلى عدم حفظ الفرج. والوسيلة مقدمة على المتوسل إليه.

ومعنى يغضضن من أبصارهن كمعنى يغضوا من أبصارهم، فيستدل به على تحريم نظر النساء إلى ما يحرم عليهن. وكذلك يجب عليهن حفظ فروجهن على الوجه الذي تقدم في حفظ الرجال لفروجهم، وقد اشتملت هذه الآية على خمسة وعشرين ضميرًا للإناث، ما بين مرفوع ومجرور، ولم يوجد لها نظير في القرآن في هذا الشأن. اهـ. "كرخي".

{وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} عما لا يحل لهن من الزنا والسحاق، ويسترنها حتى لا يراها أحد، ولا خلاف (٣) بين الأئمة في وجوب ستر العورة عن أعين الناس. واختلفوا كما سبق في العورة ما هي. فقال أبو حنيفة: عورة الرجل ما تحت


(١) الفتوحات.
(٢) الشوكاني.
(٣) روح البيان.