للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

البدن في قوله: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} إلخ. وأما في قوله: {لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} فالمراد ما يتزين. ذكره "الجمل".

قال القرطبي في "تفسيره" الزينة (١) على قسمين، خلقية ومكتسبة. فالخلقية وجهها، فإنه أصل الزينة، والزينة المكتسبة ما تحاوله المرأة في تحسين خلقها، كالثياب والحلي والكحل والخضاب. ومنه قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ}.

وقول الشاعر:

يَأْخُذْنَ زينَتَهُنَّ أَحْسَنَ مَا تَرَى ... وَإِذَا عَطَلْتَ فَهُنَّ خَيْرُ عَوَاطِلِ

قال ابن الشيخ (٢): الزينة ما تزينت به المرأة، من حلي أو كحل، أو ثوب أو صبغ، فما كان منها ظاهرًا كالخاتم والفتخة، وهي ما لا فص فيه من الخاتم، والكحل والصبغ فلا بأس بإبدائه للأجانب بشرط الأمن من الشهوة. وما خفي منها كالسوار والدملج، وهي حلقة تحملها المرأة على عضدها، والوشاح والقرط فلا يحل لها إبداؤها إلا للمذكورات فيما بعد بقوله: {إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} ... الآية.

والخلاصة: أي (٣) ولا يظهرن شيئًا من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاؤه مما جرت العادة بظهوره كالخاتم والكحل فلا يؤاخذن إلا في إبداء ما خفي منها كالسوار والخلخال والدملج والقلادة؛ لأن هذه الزينة واقعة في مواضع من الجسد لا يحل النظر إليها إلا لمن استثنى في الآية بعد. وهي: الذراع والساق والعضد والعنق والرأس والصدر والأذن.

ولما نهى عن إبداء الزينة أشد إلى إخفاء بعض مواضعها، فقال: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنّ}؛ أي: وليلقين ويضعن خمرهن {عَلَى جُيُوبِهِنّ} ليسترن بذلك شعورهن وأعناقهن وصدورهن عن الأجانب، حتى لا يرى منها شيء. والمراد بالجيب هنا محله وهو العنق، وإلا فهو في الأصل طوق القيص. كما سيأتي.


(١) القرطبي.
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.